ما أجمل الأنا لك يابغداد

ما أجمل الأنا لك يابغداد

الأحد، 27 يناير 2008

ظهيرة اليقظة من ظهيرة اليقظة






ظهيرة اليقظة


؛؛أنا مضطر إذن لتمضية أيامى المتبقية متشردا فى التعب والحرمان مع احتمال وحيد هو الموت تعبا ؛؛
من رسائل رامبوإلى أهله فى 20أغسطس1887
؛؛ عند الإنفجار تكون النار ، وعند النار يكون كل شىء واضحا للعيان؛
مثل روسى


لما أجلسونى على كرسى خشبى غير مرتفع كنت مازلت مشتت الأفكار وموزع الهموم والدنيا برد على الآخر خارج الغرفة وكنت أرتعش من شدته لأنهم خلعوا عنى كل ملابسى وألبسونى قميصا مغلقا على بطنى ومشقوقا من الخلف وربطوه برباط واحد خلف رقبتى فيكون ظهرى بكامله عريانا حتى مؤخرتى لم يتركوا لها شيئا يسترهاوأنا كنت فى شدة الخجل من البنات النحيفات اللاتى يرحن ويجئن وكان إبنى وهو واقف على سلم دارنا فى الصباح وهم ينزلونى مسنودا بأيديهم ويركبونى الميكروباص قد قال لى بابا فقلت له متشجعا نعم قال باى باى فنزلت دموع أمى التى تطيعها فى هكذا مواقف وتسمرت زوجتى على درجة السلم الأخيرة وعيناها واسعتان جدا جامدة النظرات نحوى وسحتا بالدموع لما صاح أخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوةفى سائق الميكروباص أن يركب مكانه ويطلع بسيارته من هنا لأن نسوان الشارع كن بدأن فى التجمع فبلعت أمى كلمات الوداع غصبا عنها ونهنهت زوجتى وهى تضع رأس إبنى تحت إبطيهاوكان يلوح بيده للقاعدين فى الميكروباص حولى وكنا لما وصلنا للمستشفى مبكرين حسب ماقال لنا الدكتور كان نور الكهرباء مشتعلا ما يزال فى المدخل الوسيع ونور النهار لم يدخل بعد وبنات حلوات جدا نحيفات جدا يرحن ويجئن أمامنا والبنت الوحيدة الثخينة بعض الشىء التى خلف حاجز زجاجى بجوار المدخل وبجوارها دفاتر طويلة وعدة تليفون بيضاء مستطيلة فى بطنها الأرقام كانت تبتسم لنا وحاول واحد من التابعين مغازلتها فتجهمت وأشارت على أخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوة أن يأخذ جماعتنا ويصعدوا للطابق الثانى الذى فيه غرفتنا التى حجزت من أجلى منذ ليلة الأمس كى أنام بها بعد إجراء الجراحة وكانت السماء تخر ماءا كثيرا فى الخارج وأحذية جماعتنا بلاستيكية ذات رقاب طويلة يلتصق وحلها بدرجات السلم الرخامية التى مافرغت من تنظيفه بعد تلك المرأة ذات الأرداف الضخمة والمستديرةوالرقبة الملفوفة والصدر الذى يملأه فردتى ثدى كبيرتين ولما تبرمت وتحسرت على انحناءاتهاالمبكرة وتجمد أطراف أصابعها من برد ماء الغسيل دس فى يدها واحد من جماعتنا جنيها صحيحا فدعت له بالصحة ولمريضهم الذى هو أنا بالشفاء وأن يعود لداره وعياله مجبور الخاطرولا أدرى لماذا لم أهنأ بتلك الدعوات بل شممت فيها غير رائحة الاطمئنان فقدكانت تسيطر على دماغى وفى داخلى منذ قال لنا الدكتور لابد من عملية جراحية صورة واحدة أن الآلام التى ألاقيهافى ساقى الشمال والتى ينوء باحتمالها بشرمثلى هى عقاب على ذنوب كثيرةوكبيرة عملتها فى حياتى وأنا الآن فى مدخل العقد الخامس فالغريب أن هذه الذنوب صغرت أم كبرت هى الآن حاضرة أمام عينى فى تلك الساعة وأنا جالس وحدى منطوى على نفسى رأسى ساقطة فى كفى وبلا إرادة منى تروح وتجىء الخيالات التى أوسع لها الطريق إلى رأسى إنصراف أخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوة ومن منعه فى ترتيب أمورهم فمنهم واحد رجع للبيت ليأتى بأغطية إضافية وآخر ذهب لإعلام أحد الأعمام الذى يسكن قريبا من المستشفى منذ صغره وله دكان بقالة كبير وأولاد كى لايفوته أداء واجب فى مثل تلك الحالات ومنهم واحد جالس عند الدكتور بعيادته ينتظره كى يكتب قائمة بمستلزمات العملية الجراحيةالتى يشترونها من الصيدليةبالطابق الأرضى بنفس العمارة التى تقع بها المستشفى والتى تحتل شقتين كاملتين فيهاواسعتان ومجهزتان تجهيزا محترما جدا ولما كنت أنا غطسانا فى الأفكار لا أهنأ باستمرار الإمعان فيها فترة لكثرة هروبها وتداخلها فقد أجد فرصة لكى أغير لعاب الأفكار السوداء حين تدخل البنت النحيفة المحشورة فى قميص أبيض طويل وسروال ملصوق بساقيها وبالكاد يسمعنى صوتها وشدت ذراعى الأيسربرفق وشمرت كم جلبابى ولفت شريطا جلديا فوق زندى ووضعت تحته قرصا معدنيا يتصل بخرطوم أسود رفيع وبمؤخرته كرة مطاطية تضغط عليها فينتفخ الشريط حول زندى وتعدل من وضع طرفين معدنيين فى طبلتى أذنيها وتنجذب نظراتها الضعيفة الهادئة نحو قرص يرتعش بداخله إشارةسوداء فوق أرقام دائرية وكنت قد ارتحت لملامحها الحلوة فقلت ياسبحان الله فبحلقت بعينيها وعرفت وقتها أنهما جميلتان وأنها طيبة فتشجعت وقلت لها تعرفى؟ فزامت بشفتيها وقالت أعرف ماذا؟ فقلت يدك ولا المرهم ففكت الشريط الذى حول زندى وضربتنى برفق بأصابعها الرفيعة الرقيقةوقالت هل أنت مريض بتعجب باسم وقلت فى نفسى ساعتها لو لم أكن مريضا أو أستعد لعملية جراحية فى عمودى الفقرى لكان زمانة سرحت بها وأكلت بعقلها حلاوة فأنا والحق يقال لى باع طويل وأملك مهارة عالية فى هذه المسائل وغلبتنى رغبة إحصاء وتعداد من أوقعتهن فى شباكى ورسمت عليهن لعبة الحبيب الولهان فوجدتهن تسعا وقلت لو كان الظرف مناسبا لكانت هذه البنت النحيفة هى العاشرة هذا طبعا و زوجتى أم عيالى ليست فى عدادهن فقصة زواجنا طويلة وشاقة واستحضارها الآن غير سهل لأن كل وقائعها فى صالحى وكل الذى يلف أمام عينى وفى رأسى الآن الحكايات التى تؤلمنى وتخجلنى وكنت أخفيها بمهارة عالية جدا عن كل من يعرفنى ولكن وساعة مثل هذه الساعة أنا موقن أنها قد لا تتكرر ورصيدى الطيب قليل قليل جدا لا يزكينى أمام رحمة السماء أن تكون بجوارى وقت إجراء الجراحة فى عمودى الفقرى من أسفل بين الفقرتين الرابعة والخامسة من الفقرات القطنية وتثقل صورة السيد ابن خالتى عائشة وتضغط على دماغى منذ أن قال الأطباء إن انزلاق الغضروف يلزمه جراحةعاجلة وكان السيد أجروا له هذه الجراحة فى مستشفى الدمرداش ومات وهو هناك والسيد كان ولد طيب وفالح جدا ومحبوب جدا لأنه كان نجار شاطر وكان أصحابه من سن آبائنا أما أنا فحياتى كلها لا أحد يعلم تصرفاتى فيها إلا ربنا سبحانه وتعالى كلها ذنوب عملتها بقصد ومن غير قصد حتى صلاة الفروض الخمسة لاأصليها أبدا لما أكون لوحدى ولما أكون مزنوق ولامفر منها فيكون على أى حال سواء أكنت متوضئا أم غير غير متوضىء واقوم بها على أكمل وجه وبصوت متهدج خاشع والسيد ابن خالتى عائشة كان عندنا بالدار قبل سفره لمصر بأيام قليلة لأنه كان يجهز بنفسه جهاز أختى الثانية التى تأجل زواجها وعرسها لوفاته وكنا سهرانين حوله وهو كان يحب يحكى لى مغامراته مع نسوان معروفات بالمشى البطال فى بلدنا وأنا كنت أصدق ما يقوله لأنى كنت أعرف واحدة منهن وكنت لا أحكى أبدا عن وصالى معها وكان هو دائم الشكوى من وجع فى سلسلة ظهره ويقول إن الوجع نزل هذه الأيام فى ساقه وأنه يعرف السبب لهذا الوجع فمنذ ساعة رجوعه من عند حنيفة بنت البرقوقى وهو حاسس بقرف وغثيان يملأ معدته وحلقه ورأسه ثقيلة وتدق ومفاصله كلها توجعه لأنه نام معها نومة الرجل مع زوجته وكان دمها سايح يملأ حوضها وكلما أحب أبعد صورته تغالب كل الصور وتتشبث بخيالى لأنى وقعت بنفس المحظور مرة أيضا مع واحدة ويكبر خوفى من لحظة داخل أنا فيها وفى مواجهتها ولا أذكر شيئا طيبا واحدا فى حياتى ولما كنت فى بلد عربى أعمل فى صحيفة يومية رسمية كان الخطاط السودانى سنوسى صديقى جدا وكنت دائم الإصابة بالملاريابسبب بعوضة مشهورة هناك وكنت أرقد بسببها الرقدة التى ينهد لها حيلى وعافيتى وكان سنوسى فى كل مرة يقول لى كفارة يازول أتمثله الآن بأصابعه السمراء الرفيعة يدس مسحوق الشمة من علبة بلاستيكية صغيرة بين شفتيه وأسنانه من أسفل ويقول كفارة يازول وأنا لا أصدقه فهذه المرة لن يكون ألم ساقى ووجع قناة ظهرة الرهيب كفارة عن ذنوبى التى كانت تهب كلها وقت يقولها لى هناك ولن يكون شق قناة ظهرى وإزالة الإنزلاق الغضروفى كما قال الدكتور بسبب حقنة البنج منذ أعوام لما كنت أستأصل البواسير التى تحرق مؤخرتى وكانت تلهب فتحتها السفلى كل صباح ولماكان يطول جلوسى وتسخن فتحة مؤخرتى لوكانت الحكاية حكاية ألم فالأمر يهون ولكن السيد ابن خالتى عائشة يسيطر على خيالى والدكتور ليلة البارحة قال وهو يستغرب من تشاؤمى سأتواضع وأعمل لك العملية الجراحيةوكأنها نزهة لما لمح فى نظراتى وتحسس من كلامى عدم اطمئنان أو ثقة لأنه كان نحيف وملامحه تقول إنه صغيرفى السن وكان الذين يزورونى فى الأيام الفائتة يتشاورون حولى وأنا نائم بضرورة عمل العملية فى الإسكندرية عند دكتور هناك مشهور جدا وكان منهم واحد يقول خلليها على الله كله حسب نصيب المريض لا شطارة دكتور ولا شهرته وأنا كنت أقلب أمرا آخر برأسى لأن اختيار المكان فى النهاية متروك لى وحدى إرضاء لمريض يتألم ورفعا من روحه المعنوية من قبل أهله وأنا خائف من تعب جماعتنا وبهدلتهم وقرف زوجتى فى السفر من بلدنا على الإسكندرية ولما كنت مقدرا فشل العملية الجراحية قبل نجاحها وحاسب حساب نقلى ميتا من بعيد لبلدنا المنصورة يكون سهلا عليهم لو تمت الحكاية كلها فى المنصورة فقلت فى المنصورة وطلعت أمى فى وسط الكلام برغم أن أبى حرج عليها أن تتكلم فى حضرة الرجال وقالت إن لبخة البيض والعدس الأصفر ضيعت وجع محمد ابن السروجى الذى يشبه وجعى وأن المرأة الأعرابية فى الدراكسة البعيدة عن بلدنا قليلا يدها مبروكة وفى هذه المرة كاد أبى ينحاز لرأيها لحاجة فى نفسه قدرتها أنا بضخامة تكاليف العملية عليهم وقدرها الجالسون حولى بطريقة تفكير أهالينا المرتبطة بالخرافة والوصفات البلدى وعدم الإيمان كثيرا بالطب الحديث وكان لما تم تحديد موعد العملية مع دكتور الاسكندريةبعد شهر وأيام خمسة شعرت براحة بينى وبين نفسى رغم الألم الذى يضخ فى فخذى وساقى من العصعوص حتى أظافر رجلى وكنت أمنى نفسى بالاستمتاع بهذاالشهر والأيام الخمسة مع إبنى وابنتى وزوجتى التى كانت تستجيب لى على غير عادتها بعد أن تفرغ الدار من الزواروكان هذا يحز فى نفسى كثيرا لأن استجابتها لى خروجا على غير عادتها فى طلوع روحى قبل كل رغبة فى المواقعة أنها كانت تقدر الأمر خطير ونهائى هى الأخرى ولابد من إرضائى فى أيامى الأخيرة وكنت مستسلما جدا لتلك الحالة الكئيبة ولهذا الخيط الفاجع الذى يتصل بينناوعلى غير عادتها تشعرنى بقوتى التى لم تمتدحها مرة واحدة طوال حياتنا معا وكنت أقبل إطراءها بتخاذل شديد وأدخل نفسى فى بوابة حزن وقناعة بعدالة الجزاء الذى ألقاه بالألم والعقاب الذى سأحصل عليه بفشل العملية الجراحيةالمتوقع وكانوا هم تركونى وحيدا منطويا على نفسى فوق السرير الذى سيستقبلنى بعد العملية ونزلوا إلى الإستقبال فى الدور الأول ليتفرجوا أو ليستعجلوا الدكتور لأنه تأخرعن موعده ولما عادت البنت النحيفة مرة ثانية كان بصحبتها أخرى بنفس ملابسها لكن وجهها مدور ومؤخرتها مشدودة بتحد ظاهر بحزام فوق وسطها عرفت ذلك لما استدارت تقفل الباب من الداخل بينما زميلتها النحيفة تضع عودا زجاجيا رفيعا تحت لسانى أمسكته بطرف شفتى ويأصابعى لما غلبتنى رغبتى فى الكلام معهما وقلت فى نفسىحتى وأنت مقبل على حافة خطرة بين الأمبل الباهت والرجاء الواسع يغالبك اشتهاؤك لهن ؟ فوجمت وأعدت العود الزجاجى تحت لسانى فقالت صاحبة المؤخرة المشدودة مالك ؟أنت خائف؟ جاهدت نفسى التعلق بالمرح والظرف كى أترك ذكرى حلوة عنى فى نفسها فقلت لا هاتى شالك وحزمينى كى أرقص لك عشرة بلدى فتبسمت ضاحكة من قولى ومدت لى ورقة مربعة داخل غلاف بلاستيكى وقلما وقالت وقع بإسمك هنا ورقم بطاقتك فوجمت مرة أخرى لما هو مكتوب بالورقة وفيها إقرار على نفسى بأنى سأجرى جراحة انزلاق غضروفى بموافقتى وقلت وماذا يفيد توقيعى لو حدث لى ماأتوقعه وأكرههه؟ وسكت ولم أفصح لها عن بقية هواجسى وحقيقتها وهى قالت لى كى لا تقاضينا وهذه إجراءات المستشفى وليس لها علاقة بالأمر وبرمت بوزها والحروف كانت تخرج من أنفها مكبوسة وزهقانة وقالت وهى تقرأ الفاتحة وتتعجل أمرها أو كأن أحد يطاردهاوماتنساش تقرأ الفاتحة وتصلى على النبى وتعب وساعة واحدة ولا تعب العمرفوقعت بتوقيعى ولم أتذكر رقم بطاقتى ولم أستطع قراءة الفاتحةمباشرةبل كنت لفترة ساهما محلقا داخلى وتهجم على رأسى هواجس من جديد تجرجر ذنوبى وأوساخ عمر أراها فى ذيلها التى سيكون مقابلهاحسبما أرى اليو م من آلام هائلة إن لم تكن النهاية التى يتيتم بعدها طفلاى وتهجم صورة رمادية قلقة أمام عينى عن حياة ما بعد رحيلى وخروجى من هذه الدنيا وسيعتقد الجميع أنه أجل ومكتوب فى لوحى المحفوظ لايقدر الإنسان تقديمه لحظة ولا تأخيره أخرى وسيثرثركثيرون فى مأتمى بأمور كثيرة أحمد الله أن أحدا لن يقول إن البر استراح من شره ومن أفعاله فالكل يعرفنى مسالما منطويا على نفسى فى غالب الأحيان وصلتى بالآخرين باهتة رغم بعض الحماقات التى لم يتضرر منها مخلوق غيرى ولا يعرف أحد عن ذنوبى وشرورى شيئا ولما كان أخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوة يعاودنى بين لحظة وأخرى وخلفه بعض من جماعتنا ليأخذوا منى الرأى فى بعض الأمور قبل دخولى غرفة العمليات رغم علمهم بأنه ليس لهم حاجة فى مشورتى لهذا كنت أحسب الأمر هين وسهل ولما كنت ألمح شيئا من الثقة الثابتة فى عيون البنات النحيفات كنت أقول فى نفسى أنت تضخم الأمور ياولد وجراحة مثل جراحتك أجريت للآلاف مثلك ولن تكون فأر تجارب كما قلت للدكتور ليلة الكشف عليك ويتوقف فضاء فزعى دفعة واحدة تهبط ستائر من الندى والإطمئنان والتعلق بالرجاء إن صحوت من توهة العملية وقدر الله لى العودة سالما غانما مجبور ألخاطر أن أكفر عن كل ذنوبى التى عملتها طوال عمرى وهى كثيرة وستكون توبتى هذه المرة هى الأخيرة توبة نصوحة وسأنتهز أى فرصة ولا أفوت فرضا واجبا فكثيرا ما أفطرت أياما من رمضان بسبب ذنب صغير أو كبير وكنت أمنع نفسى عن الأكل والشرب وأردد الدعاء بخشوع وقت آذان المغرب وسط الجميع ولن أترك فرض صلاة واحدة وسأتصدق فى حدود ما فى جيبى على أسماء أعرفها فى رأسى جيدا وسأعيد إجادة حفظ القرآن كما كنت صغيرا وقد تركته منذ عشرين عاما أو يزيد وكان الشيخ سيد أبو ليلة يقول لنا إن القرآن ينذر تاركه قائلا من تركنى ساعة تركته يوما ومن تركنى يوما تركته أسبوعا ومن تركنى أسبوعا تركته شهرا ومن تركنى شهرا تركته عاما ومن تركنى عاما تركته العمر كله وأنا سأعيد حفظه من جديد والحكاية أن إحساسى بالذنب كله يكمن فى هذا فمنذ صغرى ورغم حفظى للقرآن بسنوات الصبا والشباب الأول وفهمى لمعانيه العامة بحكم دراستى الدينية حتى المرحلة الثانوية كنت أخطىء الأخطاء التى ينهى عنها بشدة حتى أنها كانت تقع وأنا أحمله بجيبى والبنت النحيفة التى جعلتنى أوقع بإسمى ورقم بطاقتى على ورقة قالت بنا يا أستاذتفضل فمشيت خلفها منكس الرأس وكأنى أمر بسرداب طويل ضيق مظلم منخفض السقف ليس به هواء وكان كل جماعتنا واقفين لما عرفوا بدخولى على جانبى الممر المؤدى لغرفة العمليات ويملأون الاستراحة التى بالمدخل الذى مايزال مضاءا بنور الكهرباء وكانوا واجمين جدا وطلع صوت واحد من أعمامى وقال شد حيلك يابطل وارجع لنا زى الحصان ربنا إن شاء الله هيخضرها لك ولما خلعوا عنى ثيابى كلها من أعلى لأسفل وكانت الدنيا برد عن آخرها قال لى الدكتور صاحب النظارةالمقعرة الذى يقارب عمره عمرى بردان ؟ فلم أستطع الرد عليه وأمسك بكفى بين يديه وضرب بأصابع يمناه على ظهر كفى اليسرى فقفزت عروقها وساعدته بنت ممتلئة قليلا وقصيرة بشكل لفت انتباهى عنهن وأدخل بعرق نافر إبرة معدنية طويلة تنتهى برأسين من البلاستيك الأخضرولها بوز طويل ويتصل بالرأس أنبوب رفيع يسحب الماء الذى بالزجاجةالمعلقة على عامود حديدى رفيع وكانت تحمله البنت التى تساعده ولم أر وجهها لأنى كنت مستلق على ظهرى فوق سرير مرتفع ووجهى للحائط وكانا يمشيان بجوارى والأنبوب متصل بظهر يدى اليسرى ودخلنا غرفة وسيعة جدا على بابها الوسيع جدا مراكيب بلاستيك شبكت واحدا فى أصابع رجلى بالعافية ودخلت مأخوذا جدا وتبخر كل شىء من رأسى وهربت الهواجس ولفتنى حالة تشبه انعددام الوزن والاتزان لا أشعر برأسى معى ولا أفكر بأى شىء والألم الذى كان يضخ فى ساقى تسلل خارجاولم أستطع لم محتويات الغرفةالتى أعمل لها منذ ساعات بل منذ أيام ألف حساب ورسمت لها مئات الصور ولم أعط فرصة لمناقشة كلام كان يدوربرأسى قبل دقائق مع الدكتور لأنه لاقانى بملامح غير التى لاقانى بها قبل يومين لم يضحك على تعليقاتى لم يمزح فقط قال توكل على الله وكانت حينها حالة من التلاشى ومن فقدان الحس وكان واحدا آخر يرتدى مثله وعلى أنفه وفمه شريط من قماش أخضرهكذا تحققت من لونه غرس شيئا فى فوهة الزجاجة التى يصل ماءها الى عروقى عبر الأنبوب وغرس آخر فى الرأس البلاستيكى بظهر كفى ارتعش جسدى كله بعدها وكانوا قد مددونى على منامةحديدية على جنبى الأيمن وقالوا توكل وسم الله وحاولت حواسى التنبه مما رأيت لحظتها لكن ما لبث أن غامت الدنيا كلها فى عينى وكنت أروح فى عالم آخر ونزل ستار كثيف على كثير من الهواجس ووجدت نفسى لا أعرف كم من الزمن مر على وأنا على هذه الحالة حتى نقلونى إلى تلك الغرفة التى لا أجد فيها سوى أنابيب بيضاء رفيعة مرشوقة فى ذراعى وخراطيم سوداء مضلعة بجوار رأسى واسطوانة حديدية طويلة قائمة بجوار سريرى وبنات تتشابه صورهن وصراخى المخنوق وشيئا فشيئا حرقة ألم باستطالة قناة ظهرى وعظام الحوض والفخذين تنفر ألما أيضا لكنه من نوع جد ووجع حارق والبنات يتضاحكن من تألمى نظراتهن لى فيها سخرية من صراخى ولا أستطيع تحريك رأسى لمتابعتهن وشيئا فشيئا يتصاعد غيظى منهن ولسانى بالكاد ينطق بأخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوة الذى دخل متهللا منفرج الأسارير هذه المرة وكان لما يكثر زعيقى وتألمى تأتى واحدة منهن وقد اتضحت ملامحهن الآن تحقن بالأنبوب سائلا أروح بعده فى منامة قصيرة والليل يزحف ببطء وكل شىء حولى ساكن فقط صراخى هو الذى كان يجلجل وصراخ امرأة خارج الغرفة قال أخى الذى يلينى فى ترتيب الأخوة إنها تلد قيصريةوهل تزعق مثلها ؟ومئذنة الجامع الملاصق للمستشفى يرتفع فيه ابتهال يصل شغاف قلبى لأنه كان بصوت الشيخ النقشبندى الذى أهيم به عشقا فأتذكر يوم الأمس الذى كنت أتمنى أن أبقى ثابتا عنده ولا أدخل فى بوابة هذا اليوم الذى عملت له ألف حساب وتذكرت ذنوبى وآثامى وهى كثيرة لكنها لا تثقل على صدرى الآن وتمر فى الرأس ملامح كل من أوقعتهن فى حبال الحب ووقائع حكايا كثيرة معهن ولكن تقتحم الرأس بدون سابق إنذار صورة إبنى الواقف على سلم دارنا صباح الأمس وهم ينزلونى من السلم مسنودا بأياديهم ويركبونى الميكروباص لما قال لى بابا وأنا قلت له متشجعا نعم فقال باى باى

الخميس، 24 يناير 2008

ليلى آيت سعيد تكتب فى هوامشها العشوائية



هوامش عشوائية

وبعد.......؟
يا سيدة الأطياف
والمسافات البعيدة
بلا اختصار
أيتها الهائمة
فوق نواميس احتضاري
وطن أنا
بلا ذراعين تنفضان عنك التراب
وبعد.............؟
يا سيدة احتمالاتي
الفقر في جيبي قصيدة
وجيب القلب يسكنه الخراب
يا سيدة الأطياف
دعيني أتوسد جسدك الأبيض قليلا
قليلا بعد ..
فلا تسحبي عني وسادة الضباب
اجليني
اجليني بعينيك لبعض الوقت
لمفترق البعث
ارميني تحت أسوار السراب
وبعد.......؟
ماذا بعد ؟
وكل هذه الدموع
وهذا الوداع
ها يسكنني الفراغ
أيتها الهائمة في سماء احتضاري
قفي قليلا
تنحي قليلا
ها قد صرت إلى جوارك
وطنا من تراب
.....

الأربعاء، 23 يناير 2008


قمر للزمان المستحيل


ابراهيم جادالله


يوم أن صاحوا بها باكين مفزوعين ليخبروهاأن ساق إبنها البكر قد بترت فى مستشفى الجامعة منعا لتسرب لعنة المرض إلى بقية الجسد،وأنهم جاءوا بها ملفوفة مكفنة لتدفن فى مدافن البلد،أن حبة العين وفلذة الكبد وماء القلب حالته بين اليقظة الباهتة والإغماءة الرمادية بعد بتر الساق،وأن لعابه باسمها كان يجرى على شفتيه بين الحالتين، لم يهتز منها بدن ،ولم يرتعش فى وجهها جفن عين. بل ظلت على حالتها.يضرب منجلها الصلب المشحوذ حديثا وهى جالسة القرفصاء فى أعواد القمح فتتمايل فوق راحة يدها اليسرى،وتنتظم خلفها كومات من تلك الأعواد الصفراء اليابسة،وواصلت انكفاءتها،وما فى صوتها من هم،وما بصدرها من كدر كان نسيجه ذلك الإصرار والدأب من اليدين اللتين بدتا مرتعشتين تقبض إحداهما على المنجل والأخرى على ربطة أعواد القمح الصفراء المحشوشة،وواصلت وكانوا خلفها يتمرغون فى صمتها وحزنها ودأبها،ولما قاربت النهاية،ناولت منجلها لأحدهم،وفكت ربطة ثوبها الأسود من فوق خصرها،وأجهشت لداخلهاوهى تتقدمهم نحو الدار.
ويوم أن كان زفاف إبنها الثانى،ولم يتبق غيره وبنات ثلاث متزوجات،وقد كبر الولد راضعا سيرة أخيه وذكراه وحكاوى ألمه المغروزة فى غضون وجه الأم وكرمشات لحمه،ذهبت صغرى البنات تصحب فى يدها يتيمة الأب والأثيرة لدى جدتها،وكانت ساعة غروب،والشمس هناك تنحدر نحو أفق بعيد،والقمر من ناحية أخرى فارشا بياضه على الغيطان،والمياه التى تتسرب بالأرض حولها وهى منتصبة بقامتها الصلدة وسروالها المبروم على خاصرتها،وصاحت بها صغرى البنات،وتبعتها حفيدتها اليتيمة الأثيرة أن تخرج إليها فى مشورة.أحنت ظهرها وراحت ترفع وتزيح قبضات طين لتوسع مجارى للماء وتسهل لها جريانها لتغمر البقية الباقية،وكان قد وصل إليهما صوتها مجيبا فانتظراها على مضض.
ولما مدت يدها داخل سيالة قميصها المدفونة بسروالها لم تشعر باطمئنان،وصدق حدسهما.
أخرجت الأم لفافة جنيهات وناولتها صغرى البنات وطبطبت على كتفيها،وأخذت اليتيمة بين عضديها،وقالت إنها ستلحق بهما لما يكتمل رى الأرض،وأن عليهم شراء كافة مايطلبه الطباخ لطعام العرس شريطة أن تكون السمن من أجودها واللحم من أثمنها.
كان تسرب الماء فى الأرض الشراقى بطيئا.إذ قل وضعف منسوبه فى الترعة،وهى مرة من مرات قليلة تقف الأم فيها موزعة بين حالتين..أصوات الطبول وغناء النسوة والصبايا يأتى من بعيد قريب تكاد تميز غناء بناتها وبقية الأصوات،ورى الأرض الذى يقرب على الإكتمال،وراحت تستحث النتوءات،وتسوى بها البقع المنخفضة بيديها أمام بلل الماء الضعيف وأصوات الطبول والغناء فى عرس وحيدها الباقى تلعب فى الرأس،والقلب يتعالى وجيبه هذه الساعة،وأنفاسها تعلو وتهبط،والقمر يدخل دائرة المنتصف . فبانت الأشجار والسكك والقنوات والبيوت غير البعيدة،ولما داست بقدميها،وأحكمت ري أرضها .أطبقت بكفيها على خاصرتها متوجعة ولاحت فى عينيها حصيرة الماء تفرش استطالة الأرض وسط غيطان الجيران الذين يكابدون إتمام ري أراضيهم لا يزالون .فغمرها رضى وامتنان،واتسع قلبها للخاتمةالمريحة.
غسلت وجهها وقدميها المبللتين بينما كانت الأصوات المغنية ودقات الطبول غير البعيدة تتلاشى شيئا فشئا مع تقدم خطواتها نحوها كان مقدم العجلة اللبانى بنت الجاموسة الكبيرة ( وش الخير ) والتى فى مقتبل عشارها ، وتحظى بمكانة حميمة فى القلب بشرى طيبة لنزولها من بطن أمها دون عناء ، ولم يستدع الجساس مفشى الأسرار ككل ولادة بينما تظل العائلة كلها محبوسة الأنفاس ، قابضين على قلوبهم كى لا تفط من صدورهم خوفا وهو يكابد ليلة بطولها وسط بركة من الروث المخلوط بالبول والقش لإخراج وليدها منها ، قاموا من ليلتهم فجرا ، وقد أيقظتهم الأم فرحة باشة تصيح فى البنات أن يدسسن بفوهة الفرن دريسا جافا ليحمص ، ويشحذون سكينة الدار الوحيدة كى يقلموا حوافرها ، وكانت الجاموسة الأم يتدلى من مؤخرتها خيوط مشيمتها ، وتلعق جسد وليدتها المبلل والراقدة على أربعيتيها فى استسلام ، وتدفعها ببوزهافى حنان كى تساعدها على النهوض.
ولما حان عشارها وشبت . خرجت من نن العين حين كان يسحبها تاجر المواشى من مقودها خارجا بها من الزريبة بعد أن أجبرت الأم على بيعها درءا للحاجة ، ولاستكمال نفقات عرس إبنها الذى غافلها وشب عن طوقه وصار جديرا بالتأهل للزواج، وكانت هى ملهية عنه بتدبير الأمور سنوات طوال بعد ولدها البكر وزوجها الذى اعتلت صحته ورحل ساخرا من قساوة الدنيا وغلبتها ، ولما باغتها إبنها بالبهجة ،وأن أبنة أخيها هى المراد ومنتهى الأمل له . قالت : - هو المراد من رب العباد، ورخص الغالى من أجلهما ، وفوضت الأمر لله ، وعقدت الأمل على ( وش الخير ) الجاموسة الكبيرة. فمن نسلها تزوجت البنات والغالى الذى رحل ، ومن لبنها يبيعون ويطهون ويشترون ، وهى الأحق بالرعاية ، فهى عكازهم وقت الضعف ، ودليلهم وفرجهم عند الضيق ، ولما قالوا لها نزرع أرض الحوض الغربى فولا نلمه أخضرا ونبيعه يوميا فى سوق المدينة القريبة. قالت بالصوت الحاد الجارح :- سنزرعها برسيما لوش الخير شتاءا ، والبطن الأخيرة منها نحشها دريسا ليكون علفها صيفا ، فرضخوا لها قانعين ، وأصبحت الجاموسة الكبيرة المحظية بكل رعاية واهتمام وحدب من أهل الدار تبعا للأم ولما انبلج نور صبح جديد ، قام الصغار يتململون ويمددون أعضاءهم ويتثاءبون ويدعكون عيونهم إلى غرفة جدتهم الموارب بابها قليلاوالمطفأ ضوؤها فأحدثوا جلبة تمغط على إثرها بقية من بالدار ، وكانت سحب دخان تتسلل من النوافذ المطلة على الزريبة
هرشت البنات بأظافرهن شعر الرأس وقاومن لذة عسيلة النوم ، وانسل الإبن من جوار زوجته إلى الزريبة مخمنا الأمر حيث كومة حطب تأكل النار من جوفها وتطقطق بها حصى الملح الغليظة ،والأم تجلس القرفصاء فى المزود الإسمنتى العالى أمام رأس الجاموسة ( وش الخير ) تدعك بحجر صغير قرنيها المقوسين وهى مستسلمة لها فى خدر لذيذ وتلعق بلسانها الذى يسيل اللعاب من تحته ، بينما يتدلى من مؤخرتها خيوط بيضاء غليظة ، والزريبة جافة تحت أظلافها الأربعة ومتربة ، ورائحة الدخان تعبىء الأركان ، رثى الإبن لحالها ، وأشار عليها باستدعاء عبد الرازق كلاف المحطة الخبير بولادات البهائم ، لمع فى عينيها أسى غريب وعتاب لا يقاوم ، قفزت من المزود بخفة شابة فى العشرين ، مشمرة الأكمام والسروال ، ورابطة طرف الثوب الأسود حول خصرها ، وراحت تدعك براحتيها ظهر الجاموسة وفخذيها وكفليها غير مبالية بقوله ، بل صاحت فى يتيمة الأب وقدميها تغوصان فى الوحل أن تحمص دريسا فى الفرن، وأن يقف هو عند رأس الجاموسة وبين ذراعيه المقطف الصغير وبه ردة ناعمة دافئة وفولا مدشوشا لتلعق بلسانها فيه ، بينما صارت هى خلفها تماما تضرب براحتيها على كفليها ، والجاموسة مرفوعة الرأس قلقة. حدقتاها مفتوحتان عن آخرهما ، تنعر وتزوغ نظراتها الواسعة الشاردة ، أدخلت الأم يدها اليمنى عن آخرها فى رحمها وهى تكز على أسنانها بعد أن بسملت وحوقلت وصلت على النبى المختار ، وفى ظلمة جوف الجاموسة الغائرة كان ساعدها يروح ويجىء ، بينما تضرب الجاموسة الأرض بخلفيتيها واحدة تلو الخرى وترفع مؤخرتها القلقة فى تشبث وألم، والأم تؤازرها بالصياح ، تروح وتجىء مع حركاتها القلقة ، ولما أطلقت الأم صرخة حائرة ولم يدرك الملتمون من أبناء الدار كنهها : - العجل مقلوب فى بطن أمه يا ولاد".
اندفع إبنها يفتح باب الزريبة على مصراعيه، وأطلق ساقيه راكضا كالمحموم وصدره يكاد يقفز كمه شىء ورائحة الندى المخيم على الغيطان المطلة على البيوت يملأ خياشيمه ، ورائحة النوم لا تزال راقدة داخل البيوت المغلقة الأبواب وسرعان ماعاد متقدما خطو عبد الرازق كلاف المحطةالمبروم الشارب والمستقيم القامة وطاقية الرأس ، وكانت الأم لا تزال تكابد فى خلفية الجاموسةالمفتوحة الرحم والتى تروغ وتنوش بذيلها وتضرب برأسها فى المزود الإسمنتى أمامها وآلام مخاض عسر تطفح على جلدها عرقا يغسل الجسد المنتفض ، أفسحت له الأم مكانا وتكومت متعبة أمام كومة الحطب الكامنة بها نيران تصهد على وجهها ، وراحت تجدد التماع النيران وطقطقات حبات الملح الغليظة ، وكان جيران فى يقظة صباحهم قد خمنوا الأمر فتوافدوا معاتبينها، بينما عبد الرازق ينزع ساعده المشمر من رحم الجاموسة المنتفخ وذعر مفاجىء يصبغ وجهه.
:- الجاموسة لازم تنقلب على ضهرها مرتين أو تلاتة
قالها وهو يشد وثاقها على رجليها الأماميتين مع وثاق آخر فى الخلف ، وزعق زعقة واحدة فيمن التم حوله من رجال . على إثرها انقلبت الجاموسة على ظهرها ، والأم ملهية فى إذكاء نيران الحطب مستغرقة فى هم كبير وقلبها يتصاعد فقراته بداخلها ، والرجال يتكاتفون فى طرح الجاموسة مرات على ظهرها وأقدامهم تغوص فى روثها ، بينما يدخل عبد الرازق ساعده مرة أخيرة وطرف حبل بأطراف أصابعه ، راح يتلوى يمينا وشمالا وقوفا وجلوسا وركوعا خلفها ولسانه قد استراح فوق شفته السفلى ، وناول الحبل لمن حوله .
:- شد على مهلك ، وقول يا ام العواجز ، ياسيدة زينب ، ياطاهرة .
أطل رلأس صغير جاحظ العينين وهو يسحبه بحنكة ودراية حتى صار ظهر الوليد محشورا من منتصفه بالرحم المجهد ، فهبت الأم من تكومها أمام النار مذعورة تضرب صدرها بحسرة.
:- عليك العوض يارب .. ميت ؟
واندفعت تطوق رأس الجاموسة بذراعيهاوتمسح عنها كفليها ورقبتها وتمد لها يدا جافة خشنة تلعق بها ، وقد أرخت رأسها بين قرنى الجاموسة المقوسين ، وكانت الدموع تترقرق فى حبتى عينيها

الثلاثاء، 22 يناير 2008

علشان كنا رجالة ، ووقفنا وقفة رجالة؟


هل ستكون الحسرة حالنا يابوسويلم؟

علشان كنا رجالة ، ووقفنا وقفة رجالة؟

طيب

وإيه رأيك يا نموذجى العزير حين يعايرك أحدهم بأيام كنا فيها رجالة ، ووقفنا وقفة رجالة ؟

تقول إيه بحق النبى شفيعك؟

قالتهالى بنت جسورة جدا وأسيانة لحصاد عمرى الطويل : يعنى كان لازم تبقوا رجالة ، وتقفوا وقفة رجالة ؟

لكن الأقسى على روحى يابوسويلم

واحدة تانية.. ياما مديت ليها الإيد آخد بإيدها ، وعشان تقاعس قهرى عن تلبية مطلب ملح وضرورى فعلا ليها ، تقول لى بشماتة

- كل واحد يخليه راجل مع نفسه مره واحدة بس‏

تصور يابو سويلم الجرح يبقى شكله إيه ساعتها؟

لكن

كما كنا رجالة

ووقفنا وقفة رجالة

سيظل صوتك الحامل دفء صدورنا ملتصق بالشغاف، وسيبقى زيتا لقناديل روحى المستمدة من

علشان كنا رجالة ، ووقفنا وقفة رجالة

الخميس، 17 يناير 2008

أسمع جعجعة ولا أرى طحنا

لن أكون كمن يدخل أصبعه فى عين من يمد له يدا فى فمه بالطعام
ولكنى مندهش من هكذا أمر.. تكرمنى تلك الجمعية القائمة على وهم يسكن الشبكة العنكبوتية، وهى لاتتوافر على قليل من إنتاجى وخطوات سيرى.. وهل تكفى بضع قصص أودراسات نشرت على صفحاتها لتعلن عن بذخ فى توزيع عطاياها الكريمة؟
ولله فى خلقه وما يفعلون شؤون

قصة أخرى من دائىة الموت فى كتابى ( من أوراق موت البنفسج )





ثنائية الموت والجنون




















مقدمة للموت

أمه تقول له:-فى الظلام المتكون. الملموم بجوار أبواب البيوت،والظلام الذى يسكن منتهى الحارات،والظلام المفروش فوق السطوح،والظلام الذى بداخل الناس.. عفريت كبير.يتقافز دوما.ينسخط ويتشكل من جديد فى كل مرة. مرة يبدو فى شكل مارد ضخم، الرأس فيه صغيرة.محلوقة .بل صلعاء،العضلات فى الذراعين القويين متكورة كالبطيخة،والأظافر فى أصابع اليدين والرجلين كسلاح محراث جدك الذى يبقر بطن الأرض ويمزقها.
أمه تقول له:-فى الخرابة المهجورة الواطئة عن ارتفاعات الحارات والأزقة،وفى زقاق الطاحونة القديمة. يسكن العفاريت والمردة والشياطين،ومحمد بن رومية فى النهار تراه يركض،ويركض.زوايا فمه تهرأت لكثرة الريالة،ذقنه وصدره يلمعان بسيل منها،وما قدم منها تجلط على ثيابه.فوق المقابر الماربة فى طرف القرية خلف صغار الكلاب والحمير والماعز يتقافز مثلهم حول الشواهد الحجرية الصغيرة.
أمه تقول له:- إن محمد بن رومية درويش..لكن لكل درويش طريقة،هو لايرتدى عمامة خضراء ملفوفة حول طاقية البفتة البيضاء كخالك سيد أحمد.أو ثوبا أبيض،ولا يمشى تحت ساريتين متقاطعتين فى مولد النبي كل سنة.أو مولد سيدي على العراقي،وخلفه المتمايلون والذكيرة والدفوف والصاجات الملتهبة والمنشد الضرير يزعق ببردة البوصيرى ،فالولد تدروش وأطلق نفسه على باب الله ولخق الله.
أمه تقول له:- إن محمد ابن رومية كان صغيرا مثلك يلعب بعرائس الطين خلف الأربع غنمات،وكان يتسلق شجرة التوت،أرسله أبوه مرة فى الليل يشترى له باكو معسل ماركة المشبك من دكان شفيقة أم الغريب.رأى مولدا وكلوبات وذكيرة ومزيكة حسب الله وطبلا ليلا تحت شجرة التوت قدام دار الطنطاوى مبروك،لحظتها فرح وطرب وتاه عن دكان أم الغريب وسقط من تذكره المعسل ماركة المشبك فاندفع يجرى والهيصة والمزيكة والذكيرة وأضواء الكلوبات،وكل الأشياء تهرب .بل تندفع فى الهرب تبعا لاندفاعه نحوها.
أمه تقول له:- من يومها وهو يجرى ومازال لحد هذه اللحظة.
أمه تقول له:- الأرانب التى تتقافز بالأجران فى ضوء القمر وأمام فوهاتأفران الخبيز خلف البيوت.عفاريت لكنها وديعة تؤنس رحلاتنا وجولاتنا الليلية بحارات وشقوق البلد.لكن لا تقترب منها.الإنسان صحيح هو سيد المخلوقات.لكن تجاوز الحد سلاح ذو حدين،مسموح لعيوننا أن ترى أن تبصر أن ترمش أن تدمعلإ التحديق،ومسموح للقلبأن يرتعش.فلا تداعب أرانب الليل فى أجران القرية،ولا تعانق الصبية الكثيفةالشعر المجدول الشجية الجمال التى تهب عليك فجأة من ماء الترعة أوالنهر وأنت تقضى حاجتك على حافتها أو تستحم بها.لا تغازلها،ولا تنبهر بها.بل كن فى حالة انزعاجك واضطرابك.
أمه تقول له، وما يزال كتاب قولها مفتوحا..متراص الحكاوى:- فى النهار ساعات ظلام تلك التى تنسى فيها ذكر الله وأنت تقضى حاجتك فى بيت الراحة أو بالدار أو الجامع،وفى الليل المقمر ظلام.أن تهزمه فلك أن تقبض على ورقة صفراء فيها آيات من كتاب الله، ففى الظلام الكائن الملموم بجوار أبواب البيوت، والظلام الساكن منتهى الحارات ، والظلام المفروش فوق السطوح، والظلام الذى بداخل الناس عفريت.
ويكبر الظلام فى رأس فؤاد الصغير الطفل.الصبى.الشاب..لم يسأل أمه مرة واحدة،ولم تغلق أمه فمها،ولا كتاب حكاويها المكتوب بماء العفاريت..كان مأخوذا دوما..موصولا ومشدودا إليها بخيط أسطورى له وقع كهنوتى رهيب يلف عنقه وصدره وكل كيانه،كانت تؤلمه حكاوى أمه.ترعشه، تلوع قلبه وتروعه.لكنه لم يطق النوم أبدا أو يقوى على استحضاره ،هذا المستعصى أبدا عن الاستحضار بدونها.أصبحت همه الأوحد ،طربه الموجع،وألمه الشجى.
والأم لاتتوقف عن بذر بقع الظلام فى أرض حكاويها،وفؤاد لايتوقف عن نزف رغبته فى التهام ماتحكيه أمه.أصبحت عذابه اللذيذ ولذته المعذبة.

هى مفتتح الجنون

كان الصراخ ثقيلا داكنا ومتفشيا باستطالة الترعة النصف ممتلئة بالمياة الشتوية الباردة. خمن كل من يسمع الصراخ متصاعدا إلى مايتسرب من ذاكرته التى هى ذاكرة القرية،وما يتسرب من الذاكرة كثير..لكن القرية بأكملها ،وكما هى العادة خرجت . صغار فى المقدمة ،والنساء ثم الرجال.حبو العجائز جاء متتابعنا بطيئا هو الآخر .
كانت قطع سحب فى السماء تتجمع وتتفرق وتتلاحق ،غيمة صغيرة تعتم مساحة من الفراغ الأخضر حول الجمع الزاعق .رجال نصف عرايا يتسلقون شاطىء الترعة المشعب يحملون جثة امرأة فى كامل الثياب .عيناها زائغتان بل جاحظتان،فكاها مطبقتان على قطعة منهوشة من ثوبها، شعرها غارق فى طين لزج واليدان والساقان متصلبتان باردتان،الوجه ممتقع ينضح بشاعة،طار فضول غزلته حكاوى الليالى المعتمة فى حجرات النوم الدافئة..الرؤوس المتمايلة المتهامسة ليست بشكل كامل للحدث.,موت امرأة بتلك الصورة أمر يدفع مراكب الأحزان النائمة فى حنايا صدور الناس لأن تقلع،وحين يتوهج الشجن فى حلوق الناس فإن ماضيا طويلا وعريقا منه يتواصل مع صورة الحاضر الآنية،ولكن هذة الجثة المحتقنة الملامح والمرمية على العشب الشتوى تغرز رعشة فى الملامح الفضولية،وحرقة شفقة فى العيون المبحلقة.
لكن شابا يدفع بفضول محموم الأجساد المتلاصقة المتراصةالملتفة حول الجثة،وفجأة تتسع المسافة مابين مركز إبصاره وبين الجثة المطلية بالفزع،والوجه الموشوم بالرهبة.قطع ثلج غليظة تنحشر فى تجويف حلقة الداخلى، يرقد لسانه فى قاع فمه.أسنانه القوية تعض على إبهامه بقسوة وهو لايدرى،وحين ربتت بعض الأكف على كتفيه كان كل الحشد ينتفض،وأشواكا حادة تلتصق به.تملأه، ينفر من حولها لهبا يتصاعد إلى الرأس الذى تصفر فيه ريح عاتية،وكأنه صحراء شاسعة تتسطح جغرافيتها ولا تحد،كان يمد يديه والأسى يأكل من عينيه مايأكل،يهم بأن يلقى بنفسه فوق الجثة..لكنه بنفس القدر يبتعد عنها..تغيم كل المرئيات فى عينيه،الترعةالنصف ممتلئة ينحسر مابها،وتظهر شقوق واسعة وخشنة فى قاعها.تصفر الأعشاب الشتوية اليانعة على شاطئيها،وتتجمر الأتربة الرتبة تحت قدميه،.ينتصب فى القاع صورة هلامية لصبية كثيفة الشعر المجدول خلف ظهرها،تتغضن ملامحها ويتساقط شعرها الذى تحول إلى بياض كتانى خشن،ويتناسل من بين فخديها.عشرات،مئات،آلاف الصبايا المتشابهات.
يشهق فؤاد شهقة عالية غليظة مشروخة فتفزع الأجساد المحيطة به تحاول الإمساك به،تهدئته.0لم يكن يبكى أوينتحب.كان كالمأخوذ،كانت عشرات.مئات.آلاف الصور التى شاركت عمره تندفع إلى رأسه وتهرب فى نفس اللحظة.لم يستطع الإمساك بهاوالسيطرة عليها.كان يود أن يقبض عليها بصدره،يرتمى فيها بجوار أمه.الجثة التى يسيجها البعض.لم يستطع،لم يعد يرى وجه أمه،وجوه الناس،الصورة الهلامية،لم يعد يرى سوى رأس بيضاء الشعر ووجه متضخم الملامح. تحقق من تلك الملامح فوجدها تشبهها تماما ، فزعق بأعلى الصوت الذى لم يكن ليسمعه ،واندفع يضرب الطريق الموحل برجليه فى اتجاه معاكس للريح الشتوية الباردة،وأحيانا يلف معها،ويصفر لصفيرها.حتى صار.
نقطة
بعيدة
غائمة

الأربعاء، 16 يناير 2008

المناضلة بقبلاتها الساخنة على الطريقة البحرينية



أبقاك الله لأمة منتهكة

وأبقى قبلتك الباذخة لمنتهِك كبير
ومن حق كل نساء فلسطين والعراق وجنوب لبنان أن يتفاخرن بك أيتها البحرينية ال


سلمت وسلمت أم حملتك ببطنها

وسلمت ديار تستوطنيها

وأبقاك الله لأمتك مناضلة حرة بقبلات مشتعلة

يا إبنة البحرين العزيزة

الثلاثاء، 15 يناير 2008

فاطمة الزهراء فى أصيلة تبهجنا كعهدنا بها فى الرصد الواعى


ملتقى أصيلة الأول للقصة القصيرة



أجمل اللحظات هي تلك التي نعيشها بين أحضان الإبداع… الذي يشكل هوسا وهاجسا يجثم على أنفاسنا، هي لحظات تسقط سهوا من أعماق الذاكرة، تؤرخ لزمن يسرق مشاهده من يوميات ضائعة في زحمة الانشغالات اليومية.. هو جنون أبدي نتنفسه يوما بعد يوم، فهل هناك أجمل من لحظة عناق طويلة مع الكلمة… مع القصة القصيرة… أعترف بأن عشقي للإبداع هو الذي دفعني إلى اقتناص هذه الفرصة لمد جسور التواصل مع عشاق الكلمة الجميلة، و إلى تسجيل لحظات ستظل ذكرى غائرة في أعماق ذاكرة أصيلة الهادئة

.
كانت الساعة تشير إلى حوالي الخامسة مساءا و الشمس تلملم أشعتها عن فضاء هذه المدينة الساحرة، التي كانت على موعد مع حفل افتتاح “ملتقى أصيلة الأول للقصة القصيرة”، الذي نظمه كل من الصالون الأدبي و مجلة أجراس والمطعم الثقافي الأندلسي بأصيلة، تحت شعار: “الفضاء في القصة القصيرة”، الذي أعطى انطلاقته منسق الملتقى القاص صخر المهيف بكلمة ترحيبية بالجمهور الحاضر و المشاركين القادمين من شتى أرجاء المملكة، ثم أعطى الكلمة إلى الأساتذة مصطفى لغتيري عن الصالون الأدبي، سعيد بوكرامي عن مجلة أجراس، محمد الكلاف عن المطعم الثقافي الأندلسي، التي باركت هذه المبادرة الجميلة، ورحبت بالمشاركين الذين تكبدوا مشاق السفر من مختلف المدن المغربية، من أجل المساهمة في ” ملتقى أصيلة الأول للقصة القصيرة”.و قد توج هذا الحفل بنغمات عاشقة من الفنان و الملحن علي بنسعيد الذي أتحف الحضور بمعزوفات و موصولات غنائية، قبل أن ينتقلوا بأسماعهم إلى أحضان القصة عبر قراءات جميلة لمجموعة من الأقلام البارزة في مجال القصة تخللتها موصولات و معزوفات موسيقية للفنان علي بنسعيد، و قد شارك في الجلسة الأولى التي سيرها القاصان صخر المهيف و مصطفى لغتيري كل من الأساتذة: محمد الشايب ( ريح يوسف)، عبد الواحد كفيح ( نساء من زمن ولى)، محمد اشويكة( الوصية)، حسن البقالي ( آية)، حسن اليملاحي (سأعدل عن مثل هذه التفاهات)، عبد السلام الموذني (في حضرة موتي)، مليكة صراري (مخطوطات لمحو الطفولة)، سعيد جمال ( سندويش)، سناء شدال ( الرسالة)، مصطفى لغتيري( الإمبراطور). و على نغمات العود للفنان علي بن سعيد أعلن عن نهاية الجلسة الأولى من الملتقى، ليكون للكلمة الجميلة موعد آخر صبيحة يوم السبت 12 يناير 2008 على الساعة 11 صباحا، حيث سير الجلسة الثانية كل من القاص مصطفى لغتيري و الناقدة سعاد مسكين، هذه الجلسة التي عرفت توافد عدة أسماء في مجال القصة لم تكن مبرمجة من قبل، و التي أصرت على إضافة اسمها إلى هذا العرس القصصي الذي احتضنته أصيلة لأول مرة، فأتحفوا الحضور بقراءات قصصية مميزة عرفت مشاركة الأساتذة: السعدية باحدا ( قصيرة جدا)، صخر المهيف ( رجلان و امرأة)، سعيد بوكرامي ( المخلوق)، المهدي لعرج( النقطة التي تفيض الكأس، عز الدين الماعيزي( حب على طريقة الكبار، قصص طويلة جدا، لأنه جائع، بالثلثين)، محمد الكلاف ( بداية و نهاية)، المصطفى كليتي ( قبل الفطور بقليل)، خديجة موادي( سكر اسود)، أسمهان الزعيم ( الحقيبة)، حميد ركاطة ( امرأة من زمننا، هذيان، المسلسل العربي)، إسماعيل البويحياوي ( وجبة سريعة جدا، تحرير، حكاية جدي شهريار، أمومة)، عبد السلام الجباري ( زفزاف)، محمود مفتوح ( حب بيزنطي، البحث عن المسدس، ضربة نبيذ)، عبد السلام بلقايد ( خيول مجنحة ترعى في حدائق معلقة)، البشير الأزمي ( حداثة، حرف الدال)، نجيب كعواشي ( العصا)، محمد الجزار ( السي القجيري و مشتقاته)، و قد اختتمت هذه القراءات القصصية باستراحة مع الأستاذ عبد الإله فؤاد.

و من جو القصة إلى مجال الدراسة و النقد قام مجموعة من الأساتذة بإلقاء شهادات حول ” الفضاء في القصة القصيرة” الذي شكل شعار هذا الملتقى، و قد أشار أحمد شكر في شهادته إلى علاقة الأنا بالمكان باعتباره مركز السرد في القصة القصيرة، كما ربط بين المكان و الشخصيات الموجودة في القصة بعلاقات وطيدة، و في نفس السياق اعتبر القاص محمد ايت حنا الفضاء في القصة القصيرة هي الخطة التي ينهجها القاص في نصه بحيث يخلق عدة فضاءات تستوطنها شخصيات القصة، في حين أشارت القاصة مليكة صراري إلى أن الفضاء في القصة القصيرة يمكن أن يكون أضيق من ثقب الإبرة أو أوسع من البحر، أما القاص المهدي لعرج فقد تطرق إلى أهمية الفضاء في القصة القصيرة ( الشارع، المدينة،…) و في نفس الإطار تحدث القاص مصطفى لغتيري عن الفضاء باعتباره مكونا أساسيا في القصة القصيرة، إذ يتحدد حجم القصة بقصر الفضاء أو امتداده، كما اعتبر القاص عبد الواحد كفيح الفضاء عنصرا رئيسيا في القصة القصيرة، لأن الفضاء هو المكان الذي تتحرك فيه الأحداث و الشخصيات، و أن هناك الفضاء الرمزي و الواقعي و المتوهم، و قد سيرت هذه الجلسة الأستاذة سلمى براهمة عضو الصالون الأدبي.و كأي قصة لها بداية و نهاية كان لابد من اختتام لهذا الملتقى القصصي الذي استضافته أصيلة يومي 11 و 12 يناير 2008 بدار الشباب، بحفل توقيع لمجموعة من الإصدارات القصصية و الروائية، رواية “ما قيل همسا” لأسمهان الزعيم، “الضفة الأخرى” للبشيرالأزمي، “رجال و كلاب” لمصطفى لغتيري، “حب على طريقة الكبار” عز الدين الماعيزي، “عندما يطير الفلاسفة” لمحمد ايت حنا، “تحديق في الفراغ” للمهدي لعرج، “الهنيهة الفقيرة” لسعيد بوكرامي، و إن كان “ملتقى أصيلة الأول للقصة القصيرة” قد اختتم بكلمة القاص مصطفى لغتيري، إلا أن النقاشات و جسور التواصل ظلت ممتدة لساعات طويلة بين أحضان المطعم الثقافي الأندلسي، بحيث قام المبدعون بورشة تعارفية شملت مختلف الأقلام المشاركة في هذا اللقاء القصصي، آملين بأن يكون هذا الملتقى مجرد تدشين لملتقيات أخرى ستحتضنها أصيلة خلال السنوات القادمة.

الاثنين، 7 يناير 2008

ياسلا اااااااااااا م

أنا مش تبع مخلوق يا سيدنا البيه
أنا حُر في إللي يقول ضميري عليه
وإن كنت تُحكم جوا ملكوتك
الشارع الواسع فاتح لي إيديه
(صلاح جاهين)