ما أجمل الأنا لك يابغداد

ما أجمل الأنا لك يابغداد

الخميس، 5 ديسمبر 2013

الدكتورة هلا الحلبى فى لبنان تنظر لظهيرة اليقظة نظرة جديدة واعية






البنية الروائية
ورهان الكتابة الحديثة

في " ظهيرة اليقظة"
للأديب ابراهيم جاد الله
دراسة نفسية بنيويةللدكتورة هلا الحلبي



















إذا كان الأدب حال من حالات التصعيد في الجوهر الإنساني المتحوّل باستمرار، فلكل عصرٍ زيه ولكل كاتب بصمته التي قد تشد القارئ وتدفعه إلى الدخول إلى عالمه. و البصمة الأدبية عند ابراهيم جاد الله تبتعد "في ظهيرة اليقظة" _ عن تحليل شخصيات أبطال المجموعة القصصية، وتترك للسيناريو_ أو حركة الشخصيات_ الدرب واسعا أمام هذا التحليل، وكأنّ على هذه الشخصيات أن توضح موقفها من خلال تحركاتها لا من خلال استقراء أحوالها من قبل القاص - الناقد الذي يبقى مهندس رادار يرصد تحركاتها حتى وإن طالت الأقصوصة طفولته. وهنا لا بد من التساؤل: هل وصل بابراهيم جاد الله إلى أن يكون مراقبا حتى لذاته وتحركاتها ويزهد عن التعبير عما يجول في باله ولربما يفضل أن تبقى مشاعره طي الكتمان؟
ثم لماذا نستمتع بقراءة عمل تضج شخصياته بهذا البؤس؟ هل نستمتع عندما نهرب من واقع مزعج ومتخلف نخافه أو ونخشاه؟؟ أم أننا نستمتع عندما نقرأ المشاهد وقد أصبحت حقيقة على ورق؟ وهل هذا البؤس حقيقة واقعة؟ أو بالحري أيهما أكثر واقعية: الواقع الذي تعيشه الشخصية حقيقة ام على الورق؟ ثم أوليس غريبا أن نألف شخصيات لا تحب التعبير عن نفسها ، أنفاً يجعلها مادة تمثيلية مهيأة للتمثيل من غير أن ينقص منها شيء يُذكر، بل وكأنها لا ينقصها لتخرج على شكل تمثيليات تلفزيونية أو مسرحية سوى وحدة الموضوع وحسن التسلسل لتكوّن كلاً متكاملاً وقد تكون أيضا ناجحة في فن التمثيل الإيمائي. ولربما أختير منها ما كان مناسبا ليشكل وحدة تجمعها المأساة بجدارة واستحقاق. ولعل هذه النقطة ليست الجامع الوحيد بينها فقط بل إنّ "ظهيرة اليقظة" مادة روائية تسهل ترجمتها للغات أخرى لأنها لا تعتمد كثيرا على الاستعارات والكنايات والتوريات التي تفقد الكثير من جمالها عند الترجمة ، فلغتها الروائية ببساطتها تنقل إلى لغة أخرى من غير أن تتأثر جماليا أو يجد فيها المترجم كبير عناء. كذلك ونظرا لامتلاك كل لغة عبقريتها الخاصة وقاموسها الذي يتوسع فيه الأدباء ويسيرون في اقتحامه قدما عبر أعمالهم الفنية الأدبية، نجد عند هذه المجموعة محاولة لتقريب الفصحى من اللغة المحكية من غير أن تفقد فصاحتها.
ولعل الكاتب يحاول بإلهامه الروائي أن يجمع أصوات بلده البائسة، وقد ألهبتها العادات والتقاليد فانضوت تحت لوائها صاغرة، تتوجع وتتأوه وتستسلم بخدر لذيذ لبؤسها التي ترتع فيه منذ مئات السنين. يختلط ماضيها بحاضرها قدراً لا قدرة لأحد على دفعه، تتقبله الشخصيات مثلما تستلم الذبيحة في خدر المستسلم اللذيذ.
في ظهيرة اليقظة لا نغفو على أحلام وأوهام بل على حقيقة فجة تكاد بحقيقتها تلهب القلوب: في كل أقصوصة من أقاصيصها شمس الظهيرة الآبي تسطع في عيوننا لتوقظنا من غفوتنا. أمن المعقول أن يرتع مجتمع بهذا البؤس ويقنع؟ وماذا بيده؟ أليس مجبراً على السير في خط أسلافه إلى ماشاء القدر ذلك؟ إنها أسئلة تلح على القارئ وهو يطالع ما يسرده الكاتب بنفَسه الناري، وغزوه المكثف لمجتمع قانع بمصيره مستسلم له، غير مهيأ لمطاردة أي سر من اسرار الحياة . بل إن الطمأنينة تتسرب إلى القلوب من ابسط الأشياء لتنشر في النفس طمأنينة زائفة. ولكن هل من طمأنينة أكيدة غير زائفة؟
يبدو ابراهيم وكأنه يحاول تنظيم الفوضى في بيئة نشأ فيها، يستقرئ بؤس الشخصيات ويحاول ان يبني من هذا البؤس جسرا يعبر ه كل من قوي على متابعة النفس السردي الكثيف في " ظهيرة اليقظة"، إذ لا وقت للكاتب لوصف إيحائي داخلي أو حتى خارجي – إلا ما ندر- بل علينا أن نتتبع تحركات الأبطال الظاهرين والمخفيين في كل أقصوصة من هذه المجموعة ، والغريب أننا نستنتج في آخر المطاف أنّ الشخصية المخفية هي الأهم إذ تحرك خيوط القصة بخفة ولؤم ومهارة ضمن بناء يتغير يتنوع تبعاُ للأقصوصة وخصوصيتها، ولسوف نستعرض بعضاً من الأبنية اللافتة في هذه المجموعة القصصية.

1-البناء الدوامة


في" طرح الليل" كان الكاتب هو البطل المراهق الحائر مع رفيقه مندور الغائب الحاضر،مع مهجة رفيقة غائبة حاضرة أيضا، ولكن الثابت هو ظلم الأهل: الأم والأب على السواء فكان هرب البطل إلى سهر ليلي مع رفيقه ليبدوا ثائرين صغيرين يتسللان نحو المغامرة واستكشاف المحظور: علاقة مشبوهة بين الظالم "نعيم" وشاهد الزور "جليلة": وهنا تتوضح خيوط اللعبة،: شخصيتان حركتا اللعبة فتكون القصة دوامة يجهد القارئ في لملمة خيوطها والتنقل بين بداية ونهاية لاستجلاء ما غمض: لماذا تصرف الأهل على هذه الطريقة الطقسية العنيفة؟ وهل أجدت نفعا مع ابنهما؟ ولماذا تعرض البطل للظلم اصلا؟ ثم أولم يكفه العنف الجسدي والإهانة من الخارج؟ في هذه الأقصوصة يصدمنا تزواج ضوئي خافت ووهاج في آن معا، فنزداد مع الكاتب حيرة.
نعم لقد كانت الشخصية المخفية لجليلة الأثر الأكبر في مسار القصوصة: ظلم أسري وعنف وشهادة زور وتستر على فضيحة. نبحث كثيرا عن العقدة فنعيا إذ تتوالى العقد وتتجمع في عقدة كبيرة يستعصى حلها: لم يجد البطل في الأسرة دفء الحضن الآمن بل على العكس كان الداخل الأسري أشد بطشا من الخارج المعوجّ، فكان لا بد من التسلل والهرب بحثاً تحت جناح الليل عن أمان وهمي..
ونتساءل ما سر جاذبية هذه الأقصوصة؟ أهو في التكثيف الحركي؟ أم في ثورة صغيرين كسرا القيود : قيود الأسر نحو حرية وهمية؟ لقد تحولا من مراهقين حالمين أحلام اليقظة، إلى راشدين يملكان ناصية نفسيهما .نعم لقد وجدا عالم الراشدين ليلياً، وراحا يرتعان في حضن الظلمة ويهربان من بطش مرتقب من أهل أو غريب: إنه الاستقرار الوهمي لعالم يستطيعان أن يمكسا به من غير كبير عناء. هنا لم يكتف البطل باجترار بؤس الواقع بل وجد متنفساً له عبر التسلل الليلي بكل ما يفتح عليه من ابواب غامضة..

2-البناء التصاعدي

في "قلب أم" بطل ظاهر هو" محمود" يمثل شخصية مريضة غير مستقرة وسادية: تحب تعذيب الآخر وإن كان الآخر أمه المجاهدة الشخصية الظل: المحور الذي يدور البطل في فلكه، وهي على عكس ابنها ذات شخصية مازوشية لا تأبه لإهانة ابنها لها يوميا، تلوك مأساتها اليومية.
الكاتب في هذه الأقصوصة لعب على شخصيتين الأولى سادية والثانية مازوشية، فكان تبادل الدور بين شخصيتين: سادو– مازوشية، هنا لم يتحمل "محمود" ترف الشعور بالرضا فلم يستجب لكفاية العطاء الأمومي إلا بعد انقطاع عنها وانتظار لاهب لها، وإن دام يوماً. فكانت الخاتمة عندما تغلب كلاهما على علله في جولة أراحت القارئ، فكسرا طوقهما: السادي والمازوشي، اللذين كبلاهما وصولا إلى اكتفاء عاطفي غمر الشخصيتين وأراح القارئ عقب مناوشات الشخصية المشوهة المضطربة، وأعاد تحديد هويتهما العلائقية الجديدة.


3-البناء التصادمي:
في "استحواذ" يصور الكاتب سطوة التخلف في المجتمع، والأقصوصة تصور انتهاكاً لخصوصية المسافر المرهق بالباص: فالتلوث البيئي تتصاعد وتيرته تدريجيا: حر وألم مكبوت ودخان ويزيد في الطين بلةً تلوثٌ سمعي وضجة سببها اثنان: بائع مجلات أعرج، وجامع تبرعات عجوز، تناوبا الإزعاج بين أول الباص وآخره. كلٌ منها يحاول الاستحواذ على انتباه المسافر طمعاً بشيء من الربح في سعي لاهث " لأكل العيش"، بل وصل الأمر في انتهاك حرية المسافر إلى رمي المجلات في الأحضان، وتحريضهم من جهة أخرى على التبرع لجهة دينية، وتتصاعد وتيرة المشكلة مع تنافس لاهث على الإزعاج وصراع لإقناع الناس مع تنمر واستنتفار وحماس وتحدٍ دفع الإثنين إلى معركة فعلية وقع الأعرج ضحية ..
مع هذا الحصار الجهنمي والتصادم الذي وصل حد الاعتداء الجسدي، بقي الجميع على صمتهم وكأن الأمر طبيعي، بقوا يتفرجون لا مبالين بما يحصل، والشخصية المخفية السلبية كانت شرطيا: ولم يكن الغريب أنه لم يوقف أياً منهما ولم يدافع عن المعتدى عليه ، ولم يحافظ على استقرار وأمان المسافرين فقط بل أنه مشغول بمخالفة أخرى وهي التحرش بفتاة جامعية: فبدل أن يكون جزءا من جهاز يضبط المجتمع ويحافظ عليه سليماً، كان معتدياً آخر، ولعله أكثر خطرا على مجتمعه من أي معتدٍ آخر.
فهل هناك مخالفة أشد وأكبر؟ ولا أحد يتحرك ويمنع هذه المخالفة؟
في هذه الأقصوصة استفزاز للقارئ كأن تتوالى الاعتداء على الحريات والكرامات ولا من حساب؟ أما زلنا في مجتمعاتنا نعيش شريعة الغاب وإن تبدل ظاهرنا إلى لباس ناعم وحضارة زائفة؟
إلا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والكاتب يبدو وكأنه يناضل في سبيل حريته وحرية الآخرين، أبى إلا أن يكون ناقلا لهذه الحركة التصادمية في مجتمع تنتهك حرية الإنسان، ويعبث حتى رجل الأمن بأمن مواطنيه..

4 البناء الوحشي
لماذا يتمسك الإنسان بذكرياته ويجعلها فلكاً في حياته، فلا يستطيع أن يتخطاها بل تظل عالقة به لا تبرحه؟
في "قبة النهار" رجل نسي جسده وبات مع ذكرياته، ليل نهار، تحول وقد أخذته الذكريات مأخذها، إلى وحش عار يتنقل وسط ذهول أبناء القرية، ودهشتهم وحكاياتهم اليومية التي يتناولونها. ثم ما لبث أن استكان السكينة الأبدية. هو شخصية غريبة ولكنها غير مستحيلة قد نجد منها نماذج في كل منطقة تقريبا، وإن بأشكال أخرى.
لقد استطاع هذا الرجل أن يرتد إلى صورة إنسان وحش يعيش بمفرده ولا تشكل له المجموعة أي معنى، مكتفياً بذاته ويكفيه ما يلقاه من طعام يسير من أحدهم. فهل لكل منا ظل نسيه في الظل؟ وهل يمثل البطل من فقد ظله فراح يبحث عنه على غير هدى؟ أم أننا وفق النظرية الأفلاطونية في عالم الظل ولسنا سوى ظلال لأصل يحركه مجهول لا نقوى على التحكم به؟
لماذا لقيت هذه الشخصية اهتمام الكاتب؟ هل لأنها تعبير حسي عن الوجود الذاتي؟ وهل يغبط الكاتب صاحبهاعلى نسيانه الناس؟ أم على نسيانه جسده؟ أم على تخلصه من كل سمات الإنسان من عقل وعاطفة وغرائز مختلفة؟ فهل الإنسان_ الوحش -دون الإنسان أم أعلى منه رتبةً؟ وهل هو شخصية بائسة أم نحن البؤساء؟ أو بالحري من أكثر بؤساً هو أم الناس العاديون؟
بناء الأقصوصة وحشي لأن من يرتع به شخصية وحشية لا يعني لها الضجر ولا تعني لها أي حاجات أخرى صامت صمت الكهف، مطرق إطراقا مفجعا، ليس بحاجة إلى التعبير عن نفسه، ولا يحتاج إلى تعابير الآخرين: إنه الإنسان الذي سقط أو ارتفع عن مقام الإنسان العادي فلم نعد نفهمه وأضحى لغزا يموت فيدفن معه في التراب.
وإذا كانت الأشياء العظيمة تولد في الصمت، فإن عظمة الموقف في الصمت المطلق حيث تكثر الكلمات وتتكاثر الصور ويحلو الكلام، فالمجال واسع فسيح للتخيلات والأوهام والأساطير. ولعل الجاذبية في هذه الأقصوصة تكمن في أن الكاتب يجعلك تحيا حياة المتنسك الذي حرر نفسه من كل شيء وانطلق، فتترفق لحاله وقد فاجأته الأيام بغدر ما حسب له حسابا، فكأننا معه في كهف من صمت، لا يُفهم فيه كلام ولا يسمع فيه سوى لهاث رجل أبى أن يكون في قوم بل في كهف وحدته يتأمل وحيدا ويموت وحيدا.

5البناء الفني

في "صباحية الخيول" بناء آخر، فهذه الأقصوصة تبدو كلوحة فنية في المجموعة القصصية، تختلف لونا عن سواها باعتمادها السرد والوصف بكثافة، هي ليست صباح الخيول فقط، بل صباح الشهوة لجميع الكائنات عندما تستيقظ وقد دهمها شوق اللقاء بالآخر، والتزاوج. فيها لون طبيعي وتصوير دقيق مع وصف لرحلة التزاوج بين الحصان والفرس بكل تفصيلاتها، وتركيز الصورة على الفرس يتحركاتها الشبقية وإكتمال العملية وسط تشجيع الجميع ومراقبتهم الدقيقة: الأحصنة الأخرى وأصحابها والأولاد وامرأة .
اللافت في هذه الأقصوصة أمران: الأول أن الإنسان حيوان وللغريزة الجنسية أهمية كبرى في حياته، ولعل أفضل طريقة لتصوير هذه الغريزة هو عبر توريتها في حفل مزاوجة بين حصان وفرس، فكان انزياح فني وإسقاط لهذه الحاجة وقد عبر عنها الحصان وأنثاه خير تعبير، فكانت متنفساً للإيماء بأهمية العلاقة بين ذكر وأنثى.
والأمر الثاني، هو تصوير الحياء الذي يتلبس الناس والمشاهدين متمثلا بالمرأة التي ترقب المشهد من خلف جدار: فالشخصية المخفية عبرت عن القمع الجمعي لهذه الحاجة التي يحظر التحدث بها إلا بسرية وتكتم، فقد تربينا على وضع هذه الغريزة موضع النسيان فنغفلها ونحكم إغلاقها بحذر وتحفظ شديدين.

6-البناء الشعري:

في قصص بلون الرماد لون جديد من الأقاصيص، إذ تتكثف فيها العبارة لتكون بسرعة خاطفة ملامح أقصوصة تحفر في النفس وتصل إلى القارئ بسهولة ويسر: في قصص بلون الرماد: ثلاث مجموعات قصصية :ولكل منها نكهتها الخاصة: في ونس:تناولٌ للوضع الاجتماعي والنفسي للأنثى المطلقة في بلادنا، هي قصة تصور الحرقة التي تنتاب من تسير بطريق الطلاق، إذ تبدو اسيرة ألم مزدوج: من الخارج ومن الداخل:إذ عليها أن تغلق باب الخارج الخشبي الذي لا يرحمها، وتغلق باب داخلها المتألم الذي يجب أن يكون خشبيا.
وتوائم الألم، التي تصور الألم الذي يلف الإنسان عندما يتخطى مرحلة الطفولة حيث الالتصاق بالأم، ثم مرحلة المراهقة حيث يعاند المراهق أهله ويسعى إلى التحرر منهم، ليصبح كيانا راشدا، حرا طليقا ولكن مع ألم يعتصره جاء الغربة التي تصيب علاقته مع أهله الذين لا ينسوا سطوتهم عليه ولكنهم يتغربون بالفعل عنه.
وفي كائنات الصمت، يصور المغترب وقد انقسم إلى إثنين: مقيم مع ذكريات بلاده وأهله، ومقيم فعلا في الخارج يحلم بالعودة ويتلوى من جراء هذه الغربة، التي ترميه في أحضان الوحدة بعنف، ليجد نفسه مع صور تتلون وتخرج كائنات صمت، تتبدل مع تبدل اللعبة في كل حين.
فهل الكون هو تلك العنزة الجبلية الشاردة التي لا تفتأ تلتهم وجودنا وتهدر ذكرياتنا وتحولها من ينبوع نقي إلى نهر يهدر في مجراه الطبيعي نحو البحر الذي ينتظرها ليفتك بها وبنهم؟
في هذه الأقصوصة يتحول أبراهيم جاد الله إلى وجودي يعيش مذهب الوجودية المتأمل لمعاناة الوجوديين في اللامعنى الوجودي.
ما يجمع هذه الأقاصيص هو بناؤها الشعري الذي يعطي انطباعاً بأنها على تكثيفها الشديد، تحمل روح الشعر الذي يرمي إلى هز القارئ بأقل ما يمكن من كلمات، ويبدو أنها قد أدت مهمتها وفتحت الباب واسعا لكتابات تجمع الشعر والنثر جمعاً ماهرا.

7-البناء المقعر

الخرافة والوصفات المحلية وقناعة الناس بها كانت محور "ظهيرة اليقظة" الظاهر، إلا أنها على ما تحمله من بصمة ظاهرة بصمة السيرة الذاتية تنحى منحى خطيرا قلما نجده عند كتاب آخرين، بصمة الإفصاح الذاتي عن مكنونات النفس بشكل صريح: إذ عادة ما تحمل السيرة الذاتية إخفاء لأشياء كثيرة لا يود الكاتب التصريح عنها، يفاجئنا ابراهيم بكشفه عن أشياء لا يقوى أي منا على التصريح عنها حتى أمام نفسه أحياناً.
ونتساءل ما الدافع لهذا الإفصاح؟ أهو طبع لامبال بالمجمتع أم رافض له أم أنه طبعٌ طُبعَ عليه الكاتب في جرأة غريبة، المهم أن الحافز المصرح عنه على الأقل، هو خوف ساخر من موت يترقبه عقب عملية ينتظرها في خرزات في ظهره.
على أي حال لم يترك كاتبنا في الأقصوصة نمطه السردي الدقيق في تحريك شخصياته، مستغلا حادثة نقله إلى المستشفى وإجراء عملية جراحية له ليظهر بمهارة فائقة مراسيم نقله من بيته بدقة متناهية: بدءا بتجريده من ملابسه وهو بعد في منزله_ ولم أعرف سببا لذلك_ ووصوله وانتهاء بإجرائها وسلامته.
وإذا كان الإنسان يُعرف على حقيقته في الخضات والأحلام وفقاً للمنظور الفرويدي، فقد تركت هذه الحادثة مجالا كبيرا لتسرب لاوعيه حبرا على ورق الحقيقة: فهو لم يكتف بنقد المجتمع بتمسكه بالمجهول الأسطوري في حل مشاكله وإن كانت طبية جسدية، ولم يكتف بالتهكم على عادات تجريد المريض من ألبسته وهو لم يزل بين أهله وجيرانه، أو من قناعات بالعقاب الرباني الانتقامي وعدالة هذا العقاب ، بل كان الأمر أشد خطورة ، فقد ترك لقلمه أن يبوح بمحظورات كثيرة، ولعل أهمها، تصريحه الغريب أنه في استرجاعه لصور حبيباته التسع، قد أعلن أنه لم يحبهن حقا بل أكل برأسهن حلاوة وأقنعهن بأنه يحبهن ورسم عليهن لعبة الحبيب الولهان.
هنا لا بد من التوقف عند نقطة مهمة: هل أحب حقا ولو مرة في حياته؟ ، وهل ينظر إلى الأنثى موضوعاً جنسياً وهو الذي لا يتوانى عن التحرش بالممرضات وإن لم يبدين له شيئا من التقرب الظاهر؟.
ألا يحق للإنسان أن يسأل هل الحب حقيقةٌ أم هو وهمٌ جميل؟ ما هي هذه العاطفة التي تربط بين اثنين؟أهي حالة مؤقتة؟ وما سرها؟ أنحب حقاً عندما نحب؟
البناء المقعر كان أخطر الأبنية في سرديات "جاد الله"، فقد تعمق ليطال قعر النفس بسهولة فائقة، فهو يصرح بصومه الظاهر وورعه وهو في الحقيقة على العكس من ذلك ، يصرح كيف يصلي ويتظاهر بالورع فقط أمام الناس، كيف كان والمصحف في جيبه يرتكب اشياء هو في لا وعيه وتبعا لتنشئته الدينية يظنها مخالفة للشرع..
ولعل في اختياره لها عنواناً لمجموعته الروائية، لهو دليل اهتمام لا واع بها، فهي حميمية، تتقعر في النفس وتنزل في دهاليزها من غير خوف أو وجل، كيف لا؟ وقد كان لشخصيته المخفية في سرايب اللاوعي الأثر الكبير على مجرى الأقصوصة التي نسجتها بيئته خلال نشأته طفولة ومراهقة في تلك البيئة الريفية الغارقة بالأساطير والمتمسكة بقشور الماضي بقوة وشراسة.
هنا لا بد من الاعتراف بجرأة الكاتب التي تبدو غريبة في مجتمع اعتاد كبت أفكاره وعواطفه: إنها الكتابة وقد تخلصت من الضمير الجماعي الذي قد يكبل القلم في تصريحه عن واقعه الخارجي والداخلي على السواء. إنها الكتابة الحرة التي تعكس بصمة التحرر الخاصة : بصمة الحرية والشفافية والجرأة كما تحمل بجدارة رهان الكتابة الروائية الحديثة.
هذه نماذج من البنيات المتنوعة التي تتناوب في هذا العمل القصصي لكنها تمثل بأقاصيصها السبع عشرة جزءا من الفضاء العالمي للكتابة التي يسهم كاتبنا في صنعه، فيرسم ببصمته الفنية فضاءً مستقلا عبر مراقبة الجانب الاجتماعي للبيئة الريفية الخاصة بلونها المحلي. وإذا كانت الانفعالات التي تتراكم فينا تحت الكبح الاجتماعي تصبح أكثر طواعية عندما يمسها التهيج المسرحي الأنيس عن طريق الخوف والشفقة، وفق المقولة الآرسطية، فقد كان لقاؤنا مع هذه المجموعة الروائية لقاءً مسرحيا بامتياز، رافقه خوف وشفقة. يكفينا ما أشعله "ابراهيم جاد الله" من سراجٍ باك، وكتبه بحبر الفاجعة وجعل ضوءه شمسا لظهيرة تحز جبينا في انطباع مؤثر وإمتاع يعمق معرفتنا بدهاليز الحياة، ويضيء واقعا على أمل الإسهام بتغييره.
***
من رسائلها القديمة فى زمن لم يكن لنا




_________________

تلك الفجاج المنحوتة بإتقان على جبينك
تكور صمتنا أكوام أحزان علقها الزمن كأقراط في قطيع غيمة تائهة
عن سرب السحب العائمة في بحر سمائك.
أنت من أنهكه التأمل فينا تنتشي من لحظات الغروب
_________________________

الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

***
روايتى فى معرض الكتاب العربى بالقدس العربية
الفندق الوطنى




****
من كتابى الأخير ( وكأنها الحياة )
____________________

وكثير من أنواع الكتابات هي سحابات صيف عابرة، لا ماء فيها ولا روح، جسد ميت، التراب أولى به.
لأن فعل الكتابة اليوم أصبح ترفا، ولم يعد مسؤولية.
والمسؤولية من السؤال: من أنا؟ ولماذا أحمل القلم؟ ولمن أكتب؟ ولماذا؟
لا أحد يطرح هذه الأسئلة اليوم إلا قليلون.
لهذا تكثر الكتابات ويقل المعنى، لهذا سقطت قيمة القلم.
________________
___________________

****

المقياس الحقيقي للإنسان ليس عندما يكون في لحظات الراحة والطمأنينة، ولكن عندما يكون في لحظات التحدي والصراع
_____________________________

الاثنين، 8 يوليو 2013



***
وجوه الثورة
_______
وجهان من بلادى
_____________
ما أن لمحانى ألتقط لهما تلك الصورة . حتى أمسكت بيدى فسكنت كل جوارجى ، وقالت :
___ تعالى عاوز أشور عليك شورة
فاحتواها تحت إبطه بحنو إنسانى وفرح وقال :
___ موش اتفقنا ياولية إنى أنا إللى أتكلم؟
توستطهما ممسكا بيسراه وبيمناها وأنا أداعبهما
__ قولوا إنتوا الاتنين فى نفس واحد
لكنها راحت تتأمله وبريق عاشق فى عينيها وهو يقول :
___ شوف يا أستاذ .. إحنا نفسنا نبعت للسيسى على فكرة حلوة أوى.. إيه رأيك لو يخللى الطيارات بتاعته تحدف صورته وصورة عبد الناصر على دماغ الإخوان اللى فى اللى اسمها رابعة دى؟
كنت قد قاربت على التلاشى مودة بين جسديهما النحيلين ساعتها
____________

الثلاثاء، 16 أبريل 2013

الأحد، 17 مارس 2013

وجوه الثورة


********
وجوه الثورة
__________
ماما خديجة
_____________


من أى نسغ أنت ياسيدة الشرف المصرى؟
من أى رحيق عبرت روحك إلينا؟
فى أى موجة تهدر أرواحنا نحوك
ياسيدة الربيع الذى يذبله أنصاف الرجال
يحرث أرض أبناءك الخضراء بمحاريث الكراهية
رهط سكنت أرواحهم ظلمات الخفافيش
وأنت تسكنين شوارع المحروسة تستنهضين النور والخضرة
يعرق قلبك كما يعرق ساعدك
وأنت تسيجين الوطن بالجسارة حول الأبناء
والعصى والمسامير والغازات السوداء الخانقة
واللحى الشوكية والعيون الزئبقية والنظرات الملتاثة
والزئير الأجوف فى وجهك
أشياء هشة لم توهنك
تطيرين كفراشات اللهب وتحطين فى أحداقهم النتنة
لأن مصر مورقة بك حديقة للحياة والغد الشاهق
______________________________________________

الأربعاء، 13 مارس 2013

وهذا وجه من وحوه مصر

      
***
 وجوه الثورة
 ______
 بهاء
 ______
 طريق القلعة الذى كان مضاءا بعبشة الفجر دائما يارفيق
 كنت تضرب بأصابع روحك فى ثناياه
 ولأن المذلون المهانون كانوا يصرخون خلفك بالنداء السرمدى
 أن دولة الفقراء تنبت دروبها تحت أقدامك
 وأن للفقراء فجرا لن يغيب طلوعه
 فكان دائما قلبك يتغجر بالنشيد والحياة
 ولم يكن هؤلاء المسكونون بك والمسكون أنت بحلمهم
 غير فيلق بشرى مصرى تتوق فيالق أخرى
 على شاطئى دجلة والجليل الأعلى ورام الله وغزة وبيروت
 إلى صبوات قلبك
 وصلادة وعيك
 حتى التقاك يقين الأولاد زهور الميادين التى كثيرا ماطرقتها قبلهم
 واختمر نداؤك العفى بنداءات وليدة فى جوانحهم
 وعلى بوابة ميدان التحرير شاهدوك ضوءا من زمن سمعوك به
 فأسمعتهم أوركسترا من عرق الإيثار والجسارة
 حتى اكتمل النشيد فى الثامن عشر من فبراير
 ومازلت كعهدى بك يارفيق
 بهاء الصوت
 بهاء النور المفروش بالطريق إلى القلعة
 ___________________________

الثلاثاء، 12 مارس 2013

****
2
من مؤتمر بغداد الدولى الثانى للترجمة 2012
مشاركا باحثا
ورئيسا لجلسة من جلسات المؤتمر
اخراج
صديقى الفنان العراقى
فائق العبودى


http://www.youtube.com/watch?v=ER1UyqGj-r0
*****
3
من مؤتمر بغداد الدولى الثانى للترجمة 2012
مشاركا باحثا
ورئيسا لجلسة من جلسات المؤتمر
مع زيارة المشاركين لمؤتمر بغداد الدولى
إخراج
صديقى الفنان العراقى
فائق العبودى


http://www.youtube.com/watch?v=veGT2UeZ1EI
  

الاثنين، 11 مارس 2013

*****
فقرات
من كتابى ( مر الذى مر )
________________
( الصورة بكاميرا الويب الآن )

____________________




خلال هذه السنوات لا أذكر عدد المسيرات التي تم سوق الآلاف إليها، هؤلاء التلاميذ, كقطيع. ففي عام 1977 مثلاً كان الملايين من الأطفال أمثال يمنى ابنتى يساقون ليهتفوا لبطل السلام أنور السادات . أنا لم أحب السادات، ربما لأنني سمعت به قبل خيانته، لكن مسيرات تعليم النفاق السمج علمتني أن أكره السادات، وبحسب ظني الآن فإن السادات هو أول شخص كرهته في حياتي. وإني لأتذكر بدقة كيف صنع الإعلام غير الرسمي، والمخيال الشعبي، من شخصية السادات شيطاناً كاملاً، أُسبغتْ صفة القباحة على منظره، وعلى طريقة نطقه، وعلى مجمل أفعاله، ولم يعد يمثّل خصماً سياسياً وحسب، وإنما أصبح يجسد الشر المطلق. وهكذا دخلتُ السياسة من بوابة الكراهية.
فمع بلوغي سن الرجولة، في سنة أورويل كما أسلفت، دخل اليساريون من غير المتحالفين مع السلطة حياتي، وقبلها كانت سلطة السادات تشنّ حربها الوقائية ضد أعدائها المحتملين في الداخل، وتحديداً ضد اليساريين من أصدقائي وغير أصدقائي. شاركت في النشاطات التنظيمية لليسار بالسبعينات فى جامعة الأزهر قبل أن يتم فصلى ، وبعدها بأكاديمية الفنون ، التى تصديت فيها – مساندا من قبل رفاق كثيرين لتخرصات رشاد رشدى وتهويماته الرجعية وأساليبه الأمنية في إدارة شئون ألأكاديمية، وعشت أجواء الفوضى الفكرية التي تتيح تجاور ماركس وفرويد ولينين وتروتسكي وروزا لوكسمبورغ، وطبعاً ولهام رايش في إنجيله "الثورة والثورة الجنسية". وخلال تلك السنوات شاركتُ اليسار في اقتراف الكثير من الأفعال التي اعتقدنا أنها منافية للسلطة، شربنا ما وقع تحت أيدينا من خمر، وعاشرنا ما أُتيح لنا من نساء، حتى أن صديقا أكبر لنا عاشر ساقطة لحظة أن وضع السادات جبهته مصليا فى المسجد الأقصى، وغنينا أغنيات التحدي التي أداها الشيخ إمام، وسهرنا ليالي كثيرة وطويلة ونحن نتدرب على كراهية السلطة. وعلى مدار خمس سنوات انفضّ أصدقائي اليساريون، اعتقل قسم منهم، وهاجر قسم آخر، وتاب بعض منهم، فيما اكتشفت متأخراً ما فعلتْه بي يساريتي، إذ بتُّ أكره، بالإضافة إلى السادات، أمريكا وعملاءها والسلطة ومخبريها، وأكره انتهازية الروس ولا ثوريتهم، وأكره الخيار الثالث وميوعته، زادت كراهيتي للأعلام والأناشيد الوطنية وصور الزعماء، باختصار بتُّ أكره كل ما يعكر نقاء حلمي اليساري. وفي تلك الفترة أحببت فقط الزعيم السوفييتي أندروبوف لأنه مات سريعاً، وكأن نقمتي لم يعد لها رجاء سوى الفناء البيولوجي لسلطات وقوى راسخة لا يزحزحها إلا القدر. ، وباتت كل مدينة عربية على كل حال ألقاها غير راغبة في فتح صدرها لي إلا بقدر ما يسمح به أربابها، لذا وقفت في ميادين كل تلك المدن بدءا من بيروت حتى مكناس بالمغرب مرورا بتونس وصنعاء وتعز ، وكأني لم أقترب من غير شواطئ جغرافياتها ، فحرصت بقسوة على نفسي أن أغزوها رغما عنها ، وأن ابلل الروح بملامح أبنائها ، وكانت تلك العلاقات التي تتناسل كل يوم مع رموز العافية فيها من كتاب وثوار وصعاليك وحفاة ملا حقين وأوباش ومجانين بحب الحياة مثلى ، وكان أن نهشت فطيرة قدمها لي محمد شكري ذات سنة ، وبعدها لم أشعر بجوع للحياة أبدا .
_______________________________________

الأربعاء، 6 مارس 2013


***
وجوه الثورة
____________
هوجو
__________

لما انتهوا من ردم فوهات جراجهم بميدان التحرير
بعدما باغتتهم قوافل الظلام ممتطية النوق والخيل المسومة بالدم
أتى للغناء نهر يعبر لياليهم
وأتاهم صوتك الثورى ليستدفئوا به
لما سمعوك تغننى لهم ومعهم :
: _ أنا متفائل لأن أفكار ناصر لم تزل حية
وأقول ناصر لأُسمي على الأقل واحدا من عظماء التاريخ العرب
أنا ناصري منذ كنت عسكريا شابا"
انا لست شيوعيا بل انا ناصري أؤمن كما آمن جمال عبد الناصر أن لكل مجتمع اشتراكيته الخاصة به
وصراعي مع الإمبريالية صراع ضد الإستغلال
آآآآآآ ه هوجو العزيز
لم يمهلك العمر أيها الرفيق الفقير لتسمع نحيب قلويهم من أجلك
كان فقراء المحروسة يتضرعون لرب الفقراء أن يرفع عنك الألم
ففقراء فنزويلا متوجون بك مايزالون
وهاهم فقراء مصر يشيعونك إلى شغافهم المتسرب بها صوتك
يقيمون لك من برونز أرواحهم تمثالا عند قاعدة أبى الهول
وأمام بوابة من بوابات السد العالى
حيث ستزهر لوزات القطن عليك وعلى قلب ناصر
__________________________

الخميس، 28 فبراير 2013

*****
وجوه الثورة
_________________


 هاشم
__________









دائما ما تلقى بظلك على عتبة المستحيل
وأصابعك الرقيقة تحمل أكياس الورد والطعام والمعرفة
وتفتش عن كل التواقين النهمين فى حب الوطن بالميادين
تقيم لهم مأدبات من جلد وأمل وتثبت وترقب النهار القريب
ضحكاتك الطائرة على أجنحنها العفوية
وعيون تطل من قلبك
ومكان نومك وكتبك ومصانع وقود الذهن واليقظة
كلها كانت ملاذا وشواطىء لاستراحات الثائرين
هاشم 

بنقودك القليلة التى تدر لبن المحبة والعزيمة لهم
تطعم ميدان التحرير فيهم بطيفك الذى يسابق الزمن
كأنك كنت الخضر ياهاشم
لايرونك لكنك تتجسد فيهم
أما زلت عند حد اليقين أن الوطن سيظل فتيا؟
تسافر كلماتك الملهوفات دائما
أن
__ بكره لينا
     بكره لينا
    ومصر فينا
________________________________________________

وجوه الثورة

***
وجوه الثوره
________________
الخولى
___________








كأنك لصيق التسمية بإسمك
خوليا كما امتهن أبوك فى دائرة السطو منذ ثلاثة أرباع القرن
ولما تخلص من نير عبوديته لدى الشركسى معتصب الآرض
وصار هو مالكا لجزء منها فى بساتين الإصلاح
كنت أنت تلف يديه الحشنتين فى حرير قلبك
وتطعم من روح ولائك لعمره ترياقا لتشققات قدميه
وصرت ياعبد المجيد خوليا تسوس قرى كثبرة بالوعى والانتماء
وتشذب أشجار الزمن الذى تهدل على جبين أبيك
لتصح الغضون به تباريح بهجة للغد الذى تسعون نحوه
وأزهرت غيطان القطن قاسودت ذؤابات المداخن
وكان عليك أن تصير أمينا على حق أعيد إلى قرناء أبيك
وقد اعتادوا أن يجعلوا من أنفسهم حوليا عليك
فتندفع بأوامره وأحلامهم
قانعا
أن الاشتراكى الحق
أول من يعمل ، وآخر من يستفيد
أول من يستيقظ ، وآخر من ينام
وبقيت قابضا على وعدك لفلاحي الوطن
برغم جحيم حصارهم بعد رحيل العظيم ناصر
وحتى قدر لك أن تصعد دعوتك من جديد بميدان التحرير
وبرغم أن لصوصا جدد بعباءات نسجت خارج الحدود
جاؤا يسعون لسرقة عرق أبنائك من جديد
وأنت شاخص البصر فيهم
مستدفئا بروح صيغت من حناجر الثوار الجدد
أبناؤك وأحفادك قاطرته إلى النهار
_____________________________________

الثلاثاء، 26 فبراير 2013



وجوه الثورة
 ___________

 عاصر الرحيق
_________
من غيطان بنها التى عطرت عمرك برحيق البرتقال
قفزت إلى قطار يعبرها فى اليوم عشرات المرات
ولم تكن تعبأ لا بضجيجه أو صفيره يوما
 لكنك حين افتقدت أنفاس ابنك  الرابض بميدان التحرير
هاتفته أنك مقبل إليه
فحملت أقفاصك المكتظة
وتدربت على عصر برتقالاتك الممنوحة من جنين غيطانك
وكنت تراقب بعين القلب حمال إبنك الذى أسميته تيمنا برجل
لطالماتفاخرت برائحته حتى بعد رحيله
فتراه محمولا فوق أعناق رفاقه الثوار
فتنهره
إن لم يقدر على حمل من يحوزون قوة بأصواتهم غيره
فليجاورك عند الحائط التاريخى
ليركض بينهم حاملا كاسات عصيرك
ليرطيوا جفاف الحناجر
وصرت أيقونة للصباح
تسمعها ( صباحك برتقال ) فيضىء الكون أمامك
على طلاتهم وهتافاتهم
الشعب يريد ....
_______________________________________

الاثنين، 25 فبراير 2013

وجوه الثورة .. ماجد بولس

****
وجوه الثورة

____________
أسد الثورة
_________

ابتهج ميدان التحرير بك
وفاضت البهجة فى صدور الثوار
وأنت فوق دبابتك قادم بعينيك المغرورقتين بالفرح
وتوقف الارتعاش من قلب مصر وهى تراك حاديا لقافلة
وكأنك المحارب المصرى القديم على عجلته الحربية
قادما من جنوب الوادى لشماله موحدا
وكنت أنا أكثر ملايين مصر بهجة بك
لأنك ماجد بولس المسمى باسم ابنى المناظر لك بالعمر
لم تكن موشوما بهلال او بصليب
فقط كان القلب المصرى وشمك الأسمى
ولما أبكاك دم جريج طريح الميدان يئن
شهقت الأرواح معك بالنحيب المقدس
واستحال حزنك متحالفا مع نبرات الزحف جسورا
وكانت رصاصاتك المحذرة للقتلة جسورا عبر عبرها الثوار
إلى حديقة الفرح فى 11 فبراير
_________________________________

أمطار الذكريات

الأحد، 24 فبراير 2013

****
وجوه الثورة
________
الحسينى
________
صفير قطار الصعيد الصاعد نحو الشرق
وجد ملفوفا بتعويذة على ورقة بردى تحت إبطك
ولهفة روح أمك المخطوفة نحوك فى دخان القاطرة
تنبئك أنها تنتظر عودتك لتحمل حفيدا  لها ينام على كتفك
وحين وطئت شوارع المحروسة تلقفك ميدان التحرير لتعقد قرانك
وأشهر الوطن زواجكما
لم تخايلك مراوغة الذئاب ولا القتلة
لأنك دائما منبهرا بالضوء كنت
وبالحب كنت تهدى حليب الوطن للفقراء مثلك
ولما رأيت عيون رفاقك تلمع بالبهجة لوجهتك الثائرة
ومشاويرك اليومية من ميدان التحرير حتى ميدان الأمل
ازددت ألقا وامتلأ صدرك بوطن يسافر فيك
كانت الذئاب ترصد وتدبر فى ليل
لأنك تكشف عوراتهم القبيحة
وأنيابهم العطشى لدم أهلك بطول الوادى
وحين جن جنونهم
كانت لحظتهم الأخيرة على مرمى حجر من القابع بالاتحادية
وكان المقصد قلبك الجميل
 كوجه حبيبتك  المسافرة دوما خلفك
لتحسن وضع قبلة على فوهة جرحك الذى بروحها
______________________________________




*******

_______________

أمطار الذكريات


لقاء مع الروائي العربى ابراهيم جاد الله..

رائدة جرجيس

_____________________



(أحمل على اكتافي أسرار العالم، ولكنني لا أستطيع أن أحمل كل الشروحات لهذه الأسرار، ولا أستطيع أن أبوح بأي وشايات، تنشر الفساد في هذا الدمار)

(ابراهيم جاد الله)

___________

في نوفمبر العام الماضي وفي فندق المنصورميليا ببغداد  كان الروائي العربى ابراهيم جاد الله أحد الوجوه البارزة فى المؤتمر الدولي الثاني للترجمة باحثا ورئيسا لإحدى الجلسات

ذهبت للقائه صديقا حيث توافقت زيارتي الاخيرة للعراق مع فعاليات المؤتمر

وبعد أن تبادلنا تحيات الأشواق والدموع والابتسامات اختلطتا على وجهينا .. فهو لقاء حلمنا به كثيرا بعد تباعد سنوات عجاف طوال

كان لىمعه هذا الحديث الذي لم أشأ أن انشره قبل هذا كي أستعيد به ذكريات ذاك اليوم الجميل الرائع معا الان

** عزيزي ابراهيم  . ماهو شعورك قبل أن تحط الطائرة على أرض بغداد؟

_ حين أعلن قائد الطائرة قائلا : نهنئكم بسلامة الوصول إلى أرض بغداد الخير تذكرت قول الرسول عليه الصلاة والسلام حين مر على كربلاء وقال

( وهنا محط رحالهم ومهراق دمائهم )

رأيت بغداد وأنا أستعيد صوت من قالوا لي لاتذهب فإن بغداد ليست كما كانت وهي غير مستعدة لاستقبالك  ، وكيف ، وكنت قد راهنت اللحظة والتاريخ والعمر لأن بغداد لى غير بغداد التى يقولون

بشكل غير تقليدي بكيت لنصف نهار كالعائد بعد غياب عن حبيبته أكثر من عشرة أعوام فوجد نافذتها مفتوحة ومضاءة ولكنها تغيب في الضوء.. ولم أسمع لها صوتا ، فناديتها :

بغداد أنا عاشقك الأبدي

 في ترابك أيتها الفيروزة حب دفين لي..  أخ وأخت وحبيبةهنا

كنت أنام حتى الصباح فوق خشبة في مقهى حسن عجمي ،  ووسادتي كتبا من المتنبي ، أنام قرير العين أمنا من كل سوء

والآن ازورك يابغداد محروسا بدبابة ؟
لم أعتد أن يلفني القنوط في شوارعك ، كنت لي يابغداد عاشقة وجهها أنت

...........ساد الصمت بيننا للحظات رأيت دموع تبرق فى عينيه ةحلقه تحشرج بالبكاء ،  هنا انهمرت أمطار الحزن والألم من عيني ابراهيم وعيني فانتبهنا لهذا ، واستانف هو قائلا

رائدة........ عرفتك منذ الولادة نخلة عراقية رضعت حليب الصمت وتعمدت في نهر دجلة نقية كحليب النوق ، كنت في قارورة سكبت في النيل فامتزج النهران فكنت أنت وضوء الحلم.. فلاتبكي ياصديقة عمرى



أجبته

_  شكرا يابراهيم شكرا لوصفك هذا ياصديقي العزيز هي بغداد كنت قد قلت فيها

أنت الحقيقة والسراب وجوههم

لا لن تداس ضفيرتا بغداد

فالنصر صوب عيوننا

والخاسئون بقية من عاد

وها أنت ترى يابراهيم

 شدوا بغداد من ضفائرها

 أنا وأنت ضيوف الألم على أرض عشقناها معا

***  ما ذا يراود الواقع المصري حول بغداد؟

_ حفظت عن التاريخ وجدله أنه حين كانت تسقط بغداد تقوم القاهرة لتحل محلها وبالعكس ، والآن سقطت بغداد وسقطت القاهرة معا على أيدى المحتل والاسرائيلين.. الآن أقول إن عادت بغداد تعود القاهرة من منطلق إيمانى العروبي

*** اخر اعمالك الادبية

__ إن شاء الله سيتم طبع الجزء الثاني ( اشتعالات الضوء ) من رواية ( الثلاثية البغدادية) بعد صدور الجزء الأول ( إيميلات تالى الليل )وهو الجزء المشترك مع رفيقة الروح الكاتبة العراقية كلشان البياتى ، عن حال العراق بعد الاختلال الأمريكى وأحوال المقاومى العراقية الخالصة ، أما الجزء الثانى فيحكي عن فترة الحرب الايرانية العراقية والتمهيد لغزو الكويت ،مرحلة وجع وقيح ونكبات وقوافل من الشهداء ،  والجزء الثالث سيكون عن ألم المنافي والهجرة خارج العراق.

*** من يدهشك من المسرحين العراقيين؟

__ عزيز خيون ويوسف العاني قاسم محمد ،الراحل عبد الخالق المختار

إن رحيل صديقي عبد الخالق لهو خسارة كبيرة في تاريخ المسرح العراقي

بعد هذا تحولنا إلى أحديثنا الخاصة والتي لامجال لذكرها الآن ولامكان وإنما هي في مذكراتنا الخاصة

واليكم ابراهيم جاد الله في سطور

كاتب روائى وناقد مسرحى عربى من مصر

وخبير الدراما بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتونس سابقا

محرر مشارك لبعض الصفحات الثقافية فى صحف عربية

له روايتان وخمس مجموعات قصصية

أصدر فى الثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضى أهم كتابين فى تأريخ وتأصيل المسرح العربى نشرابالجزائر

- ويدرسان بالكامل فى جامعات مكناس المغربية وعدن باليمن

وهما

- الثابت والمتحول فى المسرح العربى

- المسرح العربى والتحدى الحضارى

- حكاية الوابور المقدس

- من أوراق موت البنفسج

- ظهيرة اليقظة

- مواقيت لغير البهجة

- إيميلات تالى الليل بالاشتراك مع الكاتبة العراقية كلشان البياتى

يعكف على الإنتهاء من ثلاثية روائية عن بغداد بإسم الثلاثية البغدادية

له كتب

- الإبحارفى ذاكرة الكتابة

- شدو طائرعربى

- بيت من زجاج وحجر

وهى كتب حوارية ونقدية

- استخدام الأقنعة فى المسرح السياسى

- منازل الحنين ومواسم الضنى ( رواية )

- مر الذى مر - من سنوات للاشتعال والانطفاء - ( سيرة حياة )

الأربعاء، 20 فبراير 2013

*****
وجوه الثورة
_________________
الشيخ

_________________

حين تعلق عمامتك على مشجب حياتك
وأنت تأوى كل ليلة لمرقدك
لعل طيف الشيخ الشرقاوى وأبو زهرة وأجدادك العظام
يأتيك مباركا ومعضدا ومباهيا
نعم الحفيد أنت
وأكرم بها من حلقات درس وامتثال يامظهر
سوسناتك الطائرة بأرواح الثوار بالتحرير
وصوتك المصرى الرزين
وسمتك الخير العطاء بالود والدفء والثقة
وخطواتك مابين مراقد الجرحى والشهداء والتحرير وفصر الدوبارة
وذراعيك المفرودتين بالسلام والطمأنينة
ودعواتك من منبرك بعمر مكرم
أيقونات يتلقفها الثوار بكل ميادين الثوار
ومازالت شرفاتك التى تتكدس بالورود
ترقب عودتك لتحمل بين ذراعيك منها
لتهدى باقات من عبير الإصرار والجلد
للعابرين وللقادمين غدا
_____________________
_______
****

إلى .. و ..
___________


عبر المسافات التى لا تختزل أتانى صوتها هذا الصباح من تونس :

__ يالأنا الرابضة على ضفاف النيل أخبرني إلى متى الوجع؟

فقلت لها :

__ لأن أناى المنتظرة عند زيتونتها شاردة وحزينة

شعرت بمرارة بين شفتى حروفها وهى تقول

__كان الشرود و الحزن قبلة آمال قادمة ...... عفّنوا كلّ شيء

قلت لها مستجيبا :

هم ولغوا فى ماء أمانينا ياشق روحى

فاجأتنى عودة روحها المتفائلة:

__هُمْ هَمٌّ هَمَّ بنا .... لكنّ أرواحنا صامدة باذخة بالحياة تلعنهم

سحقا لهم من هَمٍّ سيُزااااااااااااااااااااح

______________________________________



الثلاثاء، 19 فبراير 2013

*****
وجوه الثورة
___________________
عبد الرحمن نبيل
_______________________


أيها العصفور الأخضر الزغب
حملت فى فمك حبات قمح الحياة وطرت إليها
من فيومك وسواقيها ونخيلها
حتى عبرت الأربعين شغوفا بالزيتية ومقابر الشهداء
كانت السويس تحاول أن تعتذر لك عن ضيق بأعشاشها الآمنة
فاجتزت مسرعا درجات السلم العتيق
ولوحت بكفك الصغير عند مفترق شوارعها
لخالتك التى انتفض صدرها على حين غرة
ولمامرقت من رأسك تلك الرصاصة الآثمة
استحالت كل أعشاش عصافير السويس إلى خنادق للحزن
بينما ثوارها الوادعين صاروا أسودا جارحة
فالتهبت كل ميادين المحروسة لزئيرهم
وكفنوك من أغطيتهم الليلية
______________________________



*****
وجوه الثورة
_________
صابرين 

________________

أيتها العابرة بين رصاصتين
أيتها المارة بين غضب وخلاص 
أى المسافات كنت تقطعين ؟
وأنت المسماة باسمها
الممهورة بحنائها
العاشقة المعشوقة المبتلاة المشتهاة فى وريدها
كيف ياصابرين احتملت كل هذا النزف؟
وقد داهمتك رصاصتهم مابين الغسق والضوء؟
من لحظتك الخاطفة تسلل جسدك الأيقونة
بعيدا عن مرمى هدير الثوار بمحطة الرمل والقائد
ولم تخنك تلك اللحظة العابرة
وذات الرصاصة العابرة
بأنك ستمضين ببهاء وجهك المصرى
نحو اللحظات الباقية
وأنك لم تغافلى الثوار بأى جمعة
بين الغضب والخلاص
بل كانوا يتدثرون بإسمك
حتى يلاقوكى عند اللحظة الفارقة
__________________