في هذا المساء البارد , دق هاتفها , فأزاح هوة الصمت من حولها , حملته في حنايا كفها , فكان صوت " الأبنودي " :
_ رحل محمود درويش ....
لم يستوعب عقلها فكرة رحيل سيد الكلمات , وأول من حبت على أبيات قصائده , تحدب على ديوانه , تنقل من أبيات شعره على صفحات لتحفظها , تفك ضفائرها , تعدو بين ممرات الوديات , ترافقها كلمات كتبها " يطير الحمام ... يحط الحمام ... "
منذ سنوات طويلة , رأى درويش نفسه كما كان يقص علينا ...
يحكون في بلادنا .....
يحكون في شجن ....
عن صاحبي الذي مضى ....
وعاد في كفن .
وتسقط دمعات معذبة من روحها , ووردة تتدحرج , لتصل مسطح قبر يعتلي أعلى قمة جبلية في " رام الله "
هل تطمع في وردة تشبه وروده ؟.......
هل تطمع بان يكون يوم رحيلها مشابها ليوم رحيله ؟..... وتطرق كلمتها الأفئدة كما هو ؟....
كيف يتركها " درويش " ويمضي عبر طريق الرحيل الأبدي , بعد أن ألقى إليها بتعويذته " على هذه الأرض ما يستحق الحياة "
في هذا المساء البارد , رقد جسد " درويش " وقد غطته أمه بتراب من بلدته شالمنسية " البروة "
كان يخاف موته , خجلا من دموع تذرفها لرحيله ...
عاش عمره ممزقا بالحنين , لخبز أمه , وقهوة أمه , ونار توقدها , ليظل الوطن دافئا بين ضلوع الغائبين , المنتظرين لأكفان تعيدهم , كما عاد في هذا اليوم لأعلى قمة جبلية ....
تعود الوردة المتدحرجة ,لتتوقف على مسطح قبر لرجل لم يمت ....يعو السؤال :
_ هل يصحبها " درويش " في يوم يشبه يوم رحيله , حيث هناك ؟.....
أم تظل واقفة خلف زجاج نافذتها , ترقب ارتطام الموج بالصخر , وكلمات قد تعيدها إلى هناك " يطير الحمام .... يحط الحمام "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق