هل لك أن تغامربتعريف الماء بالماء؟
أ د/ محمود إسماعيل
حين عرض علي الصديق / إبراهيم جاد الله فكرة التقديم لهذا الكتاب الثمين راودني شعور بالاستحياء علي الرغم من تقديري لكتاباته الإبداعية والنقدية ويرجع تحفظي لعدة اعتبارات
أولا: ما يربطني به من صداقة وطيدة في زمن عز فيه الأصدقاء وما أكنه لشخصه علي المستوي الإنساني العام من تقدير وتوقير بما يجعل شهادتي مجروحة بالحتم برغم حرصي الشديد علي التزام الحيدة والموضوعية وهي خصيصة اكتسبتها من عملي كمؤرخ.
ثانيا: ما جري عليه العرف من التقديم لكتابات المبدعين والكتاب المبتدئين الواعدين وهو أمر يند عن كون المؤلف ذا باع طويل وتجربة ثرية في الإبداع والكتابة نشر الكثير من انجازاته التي حظيت بتقدير النقاد والقراء في أقطار المشرق والمغرب علي السواء.
ثالثا: جرت العادة أيضا أن يكون كاتب التقديم من مشاهير المتخصصين في الحقل المعرفي الخاص بموضوع الكتاب وهو شرط لا يتوفر لشخصي المتواضع كمتخصص في التاريخ الإسلامي في حين أن موضوعات الكتاب تضرب في مجالات معرفية شتي ومتنوعة كالسياسة والأدب والتاريخ الحديث والمعاصر والتراث والحداثة ... الخ
مع ذلك لم أجد مناصا من الإقدام علي المغامرة بعد مزيد من التردد والإحجام لأخوض في بحر من المعارف اشهد بأنني وقفت منها موقف التلميذ لا الأستاذ موقف المتلقي وليس الناقد.
جمع الكتاب بين دفتيه مقاربات نقدية لعدد من النصوص الإبداعية خصوصا في مجال الرواية لمبدعين عرب ومشارقه ومغاربة وأجانب غربيين ،أوروبيين ولاتين هذا فضلا عن كتابات تراثية يتمحور معظمها حول المناهج والمقاصد في آن ،بهدف الكشف عن الهوية العربية الإسلامية من ناحية وقراءة الواقع العربي المعاصر المضبب بسحب الماضوية من ناحية أخري
ناهيك عن الغوص في قضايا الواقع الراهن والمنشطر بين الماضي والأخر،بهدف التماس حلول لها في تخليق مشروع نهضوي مستقل ومنفتح وأصيل في آن.
وفي هذا الصدد لم يكتف الكاتب بالتعريف والرصد الوصفي بقدر ما طمح إلي التحقيق والنقد والتقويم والتثمين نظرا لما تميز به من طول باع وسعة اطلاع كانا من وراء تأهيله لتقديم نص جديد يحتاج بدوره إلي مقربة نقدية جديدة بالمثل.
ثمة كتابات تعالج قضية العرب المحورية الممثلة في القضية الفلسطينية ،قدم الكاتب بصددها شهادات كتاب من اليهود المنصفين،في مواجهة كتابات عربية معاصرة منحازة لدعاوي الصهاينة بما يكشف عن (مفارقة)تسترعي النظر والتحليل .
وفي الإطار ذاته عرض لكتابات غربية وأخري عربية حديثة ومعاصرة تنطوي علي المفارقة عينها ،خصوصا ما يتعلق ببعض كتابات المفكرين والمبدعين المغاربة ،ممن اعتبرهم الكاتب بحق رديفا استشراقيا.
وفق رؤيته العميقة ومنهجه النقدي أيضا وقف علي أخطاء – بله خطايا – بعض الدارسين العرب المشهورين الذين قدموا تأويلات للإسلام بمعزل عن تاريخيته ،والانكي إسقاط ذلك بصدد تثمين الفكر والايدولوجيا الإسلامية المعاصرة.
ولم يكن اختياره جزافا لبعض الموضوعات الخاصة بالاثنيات والطوائف المهمشة في بعض الأقطار العربية بهدف تعرية المخطط الأمريكي الصهيوني المزمع تحريره لإعادة رسم الخريطة العربية المعاصرة وفق تأسيس كيانات(قزميه) عرقية ومذهبية ،ووفق منظور إنساني ومتميز عرض لبعض التجارب التاريخية الإسلامية التي حققت مبدأ التعايش السلمي بين الملل والنحل المختلفة، كرر علي دعاوي المتحاملين في الغرب علي الإسلام والمسلمين. كذا مقاربة كتابات حداثية عربية برهنت علي أن الإسلام يلفظ المفهوم الثيبوقراطي للدولة بما يزكي علمانيته . من هنا كان انتقاده اللاذع لكتابات عربية أخري علي النقيض تبرر العولمة بمفهومها الامبريالي باسم الديمقراطية والحداثة .
وفي مجال الأدب عرض المؤلف لحشد من الروايات لعدد من المبدعين العرب المعاصرين خصوصا، من المغاربة عموما ،ومن المغاربة المتفرنسين علي وجه الخصوص،معرفا بإبداعاتهم وناقدا الشوفينية ونشاز بعضهم،مفسرا ذلك بطموحات ذاتية للقفز إلي (العالمية) علي أنقاض الهوية الوطنية والقومية ولكم كان منصفا للحقيقة التاريخية في انتقاض بعض الإبداعات العربية عموما التي تجنت علي التاريخ باسم الأدب.
في مواجهة هؤلاء وأولئك عرض لبعض إبداعات نسويه عربية،وفلسطينية خصوصا ملتزمة وحداثية في آن،مفصحا عما تردي نظرائهم من (المتغربين) في مهاوي آفة الانبهار بالغرب .
علي أن إخلاصه لهويته القومية لم تحل دون مقاربة نصوص تكشف عن تردي الواقع العربي المعاصر وتطمح إلي محاولة تجاوزه ،برغم ما تشي به من عدمية وعبث.
كما اثبتت نماذج أخري تزكي إمكانية الجمع بين الأصالة والحداثة كما هو حال اليابان حاليا.
وإذ عرض لإبداعات تشهد علي طابع (الاستبداد الشرقي ) فقد قابلها بآخري تشي(باسطرة)الغرب ،برغم دعاويه عن العقلانية ،منبها إلي أخطاء وأخطار (الايدولوجيا) في آن. تلك التي وظفتها الصهيونية لخدمة أغراض سياسية بامتياز.
وحين نعي علي المثقفين والمبدعين العرب انزلاقهم إلي المراهقة الفكرية والجدل السفسطي النظري ،تعاطف مع الشعوب التي تكابد من جراء طواغيت الداخل وغزاة الخارج .
وبديهي أن يقدم الكاتب أنموذجا روائيا مصريا شاهدا علي تلك الحقيقة – رواية جمهورية الأرضين لأحمد صبري أبو الفتوح – مستهدفا تبيان دور مصر التاريخي في قيادة العالم العربي للانعتاق من الأزمة نحو النهضة.
لذلك - وغيره – كان المؤلف علي درجة كبيرة من الوعي وهو يختار نصوص كتابه هذا ،لتكشف عن أسباب وتجليات تلك الأزمة من خلال الفكر والإبداع معا ،عسي أن تكشف تلك النصوص عن خطورة التحدي، ومن ثم إمكانية الاستجابة .
من هنا لا نبالغ إذا ما اعتبرنا هذا الكتاب احدي وسائل المواجهة في معركة مفصلية تحدد نتيجتها مستقبل العالم العربي لقرون تالية.
أما عن الجانب الفني في مقاربات المؤلف نصوصه المنتقاة ،فلا ندعي إمكانية الكشف عنه . وحسبي أن اشهد له - - كمتذوق ليس إلا – بالاستمتاع بما قرأت وما قرأته يعد في حد ذاته نصا إبداعيا متميزا للنقاد وحدهم مشروعية تثمينه والحكم علي مقارباته النقدية باعتباره مبدعا متميزا في مجال الرواية والقصة القصيرة ،ومهتما بشؤون المسرح والشعر، وقامة عالية في حقل اللغة العربية وآدابها الكلاسيكية والحداثية سواء بسواء.
أما عن أريحيته ودماثة خلقه ونبل شمائله ،فهو مما لا يتسع المجال لذكره ، اللهم ما يتعلق بانعكاساتها علي ما يكتب.وعلى ما يأخذ بيد الآخرين.
خلاصة القول، أن الكاتب في مضمونه ومحتواه عصارة أفكار جد صائبة في حقول معرفية متعددة ومتنوعة تجعله جديرا بالتقدير والتوقير.، وأرى فى ابراهيم جادالله . صديقى الكاتب والفنان كل ذلك.
أولا: ما يربطني به من صداقة وطيدة في زمن عز فيه الأصدقاء وما أكنه لشخصه علي المستوي الإنساني العام من تقدير وتوقير بما يجعل شهادتي مجروحة بالحتم برغم حرصي الشديد علي التزام الحيدة والموضوعية وهي خصيصة اكتسبتها من عملي كمؤرخ.
ثانيا: ما جري عليه العرف من التقديم لكتابات المبدعين والكتاب المبتدئين الواعدين وهو أمر يند عن كون المؤلف ذا باع طويل وتجربة ثرية في الإبداع والكتابة نشر الكثير من انجازاته التي حظيت بتقدير النقاد والقراء في أقطار المشرق والمغرب علي السواء.
ثالثا: جرت العادة أيضا أن يكون كاتب التقديم من مشاهير المتخصصين في الحقل المعرفي الخاص بموضوع الكتاب وهو شرط لا يتوفر لشخصي المتواضع كمتخصص في التاريخ الإسلامي في حين أن موضوعات الكتاب تضرب في مجالات معرفية شتي ومتنوعة كالسياسة والأدب والتاريخ الحديث والمعاصر والتراث والحداثة ... الخ
مع ذلك لم أجد مناصا من الإقدام علي المغامرة بعد مزيد من التردد والإحجام لأخوض في بحر من المعارف اشهد بأنني وقفت منها موقف التلميذ لا الأستاذ موقف المتلقي وليس الناقد.
جمع الكتاب بين دفتيه مقاربات نقدية لعدد من النصوص الإبداعية خصوصا في مجال الرواية لمبدعين عرب ومشارقه ومغاربة وأجانب غربيين ،أوروبيين ولاتين هذا فضلا عن كتابات تراثية يتمحور معظمها حول المناهج والمقاصد في آن ،بهدف الكشف عن الهوية العربية الإسلامية من ناحية وقراءة الواقع العربي المعاصر المضبب بسحب الماضوية من ناحية أخري
ناهيك عن الغوص في قضايا الواقع الراهن والمنشطر بين الماضي والأخر،بهدف التماس حلول لها في تخليق مشروع نهضوي مستقل ومنفتح وأصيل في آن.
وفي هذا الصدد لم يكتف الكاتب بالتعريف والرصد الوصفي بقدر ما طمح إلي التحقيق والنقد والتقويم والتثمين نظرا لما تميز به من طول باع وسعة اطلاع كانا من وراء تأهيله لتقديم نص جديد يحتاج بدوره إلي مقربة نقدية جديدة بالمثل.
ثمة كتابات تعالج قضية العرب المحورية الممثلة في القضية الفلسطينية ،قدم الكاتب بصددها شهادات كتاب من اليهود المنصفين،في مواجهة كتابات عربية معاصرة منحازة لدعاوي الصهاينة بما يكشف عن (مفارقة)تسترعي النظر والتحليل .
وفي الإطار ذاته عرض لكتابات غربية وأخري عربية حديثة ومعاصرة تنطوي علي المفارقة عينها ،خصوصا ما يتعلق ببعض كتابات المفكرين والمبدعين المغاربة ،ممن اعتبرهم الكاتب بحق رديفا استشراقيا.
وفق رؤيته العميقة ومنهجه النقدي أيضا وقف علي أخطاء – بله خطايا – بعض الدارسين العرب المشهورين الذين قدموا تأويلات للإسلام بمعزل عن تاريخيته ،والانكي إسقاط ذلك بصدد تثمين الفكر والايدولوجيا الإسلامية المعاصرة.
ولم يكن اختياره جزافا لبعض الموضوعات الخاصة بالاثنيات والطوائف المهمشة في بعض الأقطار العربية بهدف تعرية المخطط الأمريكي الصهيوني المزمع تحريره لإعادة رسم الخريطة العربية المعاصرة وفق تأسيس كيانات(قزميه) عرقية ومذهبية ،ووفق منظور إنساني ومتميز عرض لبعض التجارب التاريخية الإسلامية التي حققت مبدأ التعايش السلمي بين الملل والنحل المختلفة، كرر علي دعاوي المتحاملين في الغرب علي الإسلام والمسلمين. كذا مقاربة كتابات حداثية عربية برهنت علي أن الإسلام يلفظ المفهوم الثيبوقراطي للدولة بما يزكي علمانيته . من هنا كان انتقاده اللاذع لكتابات عربية أخري علي النقيض تبرر العولمة بمفهومها الامبريالي باسم الديمقراطية والحداثة .
وفي مجال الأدب عرض المؤلف لحشد من الروايات لعدد من المبدعين العرب المعاصرين خصوصا، من المغاربة عموما ،ومن المغاربة المتفرنسين علي وجه الخصوص،معرفا بإبداعاتهم وناقدا الشوفينية ونشاز بعضهم،مفسرا ذلك بطموحات ذاتية للقفز إلي (العالمية) علي أنقاض الهوية الوطنية والقومية ولكم كان منصفا للحقيقة التاريخية في انتقاض بعض الإبداعات العربية عموما التي تجنت علي التاريخ باسم الأدب.
في مواجهة هؤلاء وأولئك عرض لبعض إبداعات نسويه عربية،وفلسطينية خصوصا ملتزمة وحداثية في آن،مفصحا عما تردي نظرائهم من (المتغربين) في مهاوي آفة الانبهار بالغرب .
علي أن إخلاصه لهويته القومية لم تحل دون مقاربة نصوص تكشف عن تردي الواقع العربي المعاصر وتطمح إلي محاولة تجاوزه ،برغم ما تشي به من عدمية وعبث.
كما اثبتت نماذج أخري تزكي إمكانية الجمع بين الأصالة والحداثة كما هو حال اليابان حاليا.
وإذ عرض لإبداعات تشهد علي طابع (الاستبداد الشرقي ) فقد قابلها بآخري تشي(باسطرة)الغرب ،برغم دعاويه عن العقلانية ،منبها إلي أخطاء وأخطار (الايدولوجيا) في آن. تلك التي وظفتها الصهيونية لخدمة أغراض سياسية بامتياز.
وحين نعي علي المثقفين والمبدعين العرب انزلاقهم إلي المراهقة الفكرية والجدل السفسطي النظري ،تعاطف مع الشعوب التي تكابد من جراء طواغيت الداخل وغزاة الخارج .
وبديهي أن يقدم الكاتب أنموذجا روائيا مصريا شاهدا علي تلك الحقيقة – رواية جمهورية الأرضين لأحمد صبري أبو الفتوح – مستهدفا تبيان دور مصر التاريخي في قيادة العالم العربي للانعتاق من الأزمة نحو النهضة.
لذلك - وغيره – كان المؤلف علي درجة كبيرة من الوعي وهو يختار نصوص كتابه هذا ،لتكشف عن أسباب وتجليات تلك الأزمة من خلال الفكر والإبداع معا ،عسي أن تكشف تلك النصوص عن خطورة التحدي، ومن ثم إمكانية الاستجابة .
من هنا لا نبالغ إذا ما اعتبرنا هذا الكتاب احدي وسائل المواجهة في معركة مفصلية تحدد نتيجتها مستقبل العالم العربي لقرون تالية.
أما عن الجانب الفني في مقاربات المؤلف نصوصه المنتقاة ،فلا ندعي إمكانية الكشف عنه . وحسبي أن اشهد له - - كمتذوق ليس إلا – بالاستمتاع بما قرأت وما قرأته يعد في حد ذاته نصا إبداعيا متميزا للنقاد وحدهم مشروعية تثمينه والحكم علي مقارباته النقدية باعتباره مبدعا متميزا في مجال الرواية والقصة القصيرة ،ومهتما بشؤون المسرح والشعر، وقامة عالية في حقل اللغة العربية وآدابها الكلاسيكية والحداثية سواء بسواء.
أما عن أريحيته ودماثة خلقه ونبل شمائله ،فهو مما لا يتسع المجال لذكره ، اللهم ما يتعلق بانعكاساتها علي ما يكتب.وعلى ما يأخذ بيد الآخرين.
خلاصة القول، أن الكاتب في مضمونه ومحتواه عصارة أفكار جد صائبة في حقول معرفية متعددة ومتنوعة تجعله جديرا بالتقدير والتوقير.، وأرى فى ابراهيم جادالله . صديقى الكاتب والفنان كل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق