ما أجمل الأنا لك يابغداد

ما أجمل الأنا لك يابغداد

السبت، 26 يوليو 2008

ماجد ينام باكرا أم يرحل باكرا ؟





ماجد ينام باكراً؟أم يرحل باكرا؟



ماذا فى قصة ( المعطوب ) لابراهيم جادالله؟



صورة من أرشيفى لماجد
قبل مرضه بسنوات
فى عربة قطار وحيدا
رنا شلهوب بيروت*



في كومة النعاس الذي يلف جداول الصحو وسبق الرؤيا
ووسط ضجيج المسافات ووهج الانتظار وصراخ لوجع ولادة حياة جديدة ، ليست كنسق تضاريس الروح .
يجيء الكاتب صديق العمر الطويل والألم الأطول ابراهيم جادالله من مصر متأبطاً دموع الحب والموت والرحيل السرى المتسرب فى الروح ،/ و الذي تربص بالجميل الوهاج ( ماجد / إبنه ) وأسره على غفلة من الحب والحنين والعناق والقبل.
ماجد الذي مرض منذ وقت.. فلذة من قمر، من شمس وحكاية، روح طيف أجنحته تطاولت الى (الفوق) حيث المدى سر الأوان والكون
متسع المرايا
ذاكرة وجد وشم على مسام الجسد.
ماجد الذى ينام باكراًفى قصة ( المعطوب) المنشورة بالصفحة الأد بية الشهيرة بصحيفة الأهرام القاهرية يوم الجمعة ثانى أيام عيد الفطر 11من ذى الحجة من العام 1425 الموافق21من كانون الثانى من العام 2005 ، هى مرثية الأب المكلوم لماجد المغادردوما.
الشاب اليانع الذي هوفي أعتاب الحقبة الثالثة من عمره، خرج قليلاً قبل مغيب الحقبة الأولى من زمن حضوره الدنيوى الشائك ، حيث كانت خارطة العرب مكانا يعج بالكثير من اصدقاء أبيه.. أراد ماجد أن يسلى أباه بالمدينة الفاضلة التي عاندها.
ترك وراءه كل ما طاولت أصابعه ، وهوى في طريق يحفظها كما ملامحه،لكنها خانته... تركته جسداً ممدداً في حطام المفاجأة التى أتته على طريق المرض المزمن فى المخ 0( المعطوب) هذه المرثية التي تؤبِّن الحلم و البراءة، والشرايين، والمولودة الجميلة الرابضة هناك على تخوم وجع الولادة لزمن يصيبه العطب ، أوهكذا تأمل الزوجة المخدوعة فى صبرها، تحتضن ماجد والحنين.
قصة هي المآب وتربتها عجين الوجود وجذر الحياة.
هي مرثية الأيام التي تختار فواجعها على غفلة دون إنذار او مساءلة، حملت الحكمة والسفر، خلعت جلدها المسفوك دمعاً والمسفوح بالوهن، وإرتدت اثواب الوهم في العمر وفي المسافة في المتاهة وفي الموت، في السلامة في سكون الليل الذي يلملم عن سغب الأنامل الحان الشجن. هي مرثية الهزيمة التي هى آخر نوافذ الرحيل ولا لقاء بعده.
مرثية الوقت الذي لا وقت لديه لينتظر أو ليعد بحلم آخر.
ماجدينام باكرا ًفى حكاية الذى سيعود حتما في الذاكرة وفى الوطن المطعون بسيوف ابنائه ، المعطوب هو الأخر ، أو كانه هو، والشمس التي ترنو من قرنة الكون الى كون تنسرح كينونته في مسارب السماء ومخارج الارض،0
( المعطوب ) كلمات من رماد ومن صباح وعصافير وشظايا وتجاعيد وأزقة. قيامة عدمية لوهم اليأس وولادة الحنين القاسى كالطوفان ، إعتراف سرابي ستارته رغبات مقموعة على شرفة الذات،حقائب رحيل الى اللاأمكنة، ومدن ورقية تنهار عند أول قبلة، إحتراق شجر في غابات البراكين، وصايا طفولة تنداح في أزقة العمر والايام في الروح في الوداع حيث يقول:
ما قال لك الأطباء أن لا أمل في شفاء وحيدك الذكر ، لأن نوباته من نوع عصي علي الدواء ، وأن تكرارها يجهز علي خلايا مخه واحدة إثر الأخرى ، وأن يوماً لن يطول مجيئه ، سيخرج فيه هذا المسكين من دنياكم كما دخلها .. من يومها ولم يهنأ وحيدك بطفولة كأقرانه ، لم ينعم بلذة استمتاع بحياة مثل من تتابعينهم يروحون ويجيئون ، أسلمت الأمر لله راضية ، وبإرادة صلبة يتفتَّت لها نسيج روحك في صمت ، راودتك نفسك الأمارة بكل طيب ، وبعد إنجاب بنتين خلفه ، أن تحملي في أحشائك ولرابع مرة ، علَّ وعسي أن تأتي بطنك بذكر ، يكون عوضا عنه وسندا لأخيه في شدائد العمر الآتي وحوالك الأيام ، وبرغم ميْلك الفطري لما طرحته بطنك من إناث ، وحين اقترب موعد وضع ما تحملين . كنت تستيقظين مبكرة من نوم ليلى متقطع ، تصعدين سلالم الدار ، تسبقك بطنك المتكورة علي حلم ووجع لذيذ ، وتهبطين ، ثم تعيدين الصعود ، وما تقلعين عن تلك العادة التي أوصتك بها جدتك لأمك إلا بعد أن يهدَّك التعب ، فتنامين ، وبأية ساعة يأتيك سلطانه .)
(، وما بين سكون مخادع لهذا الجسد وانتفاضاته ، تعود إليه نوبات من غيبوبة ساكنة ، لتذبل فيه الحياة ، فيروح الرأس ومعه الجسد في نوم عميق ثقيل ، فلا تري في هذا الكيان البشري المشع الملامح منذ مولده قبل أكثر من عشرين سنة سوى صوت أنفاسه . منتظمة ، هادئة ، حفية بأن تكون لشاب ، معافا لم يصبه ضرر ، وتخرج زفراته من فتحتي منخاره وقد تخلصتا – في تكرار النوبات – من كل ما كان يملأهما ويسدهما من مخاط ، وتظل إحدى لوازم هذا الجسد . في يقظته أو في نومه وهو راقد علي جنبه الأيمن دائما )
(وعندما عادت بها جدتك إليك مصحوبة بغبطة أختيها ، كنت ما زلتِ مستلقية وقد أغمضت عينيك ، تعضِّين بشفتيك في نوبات الطلق الأخيرة المخرجة للمشيمة ، وبرغم منك همست أن تناولك إياها ، لتضعيها عارية علي ثديك الدافئ ، وتغمضين جفنيك علي حُسنها ، وحٌزن النظرات الطالعة من الراقد بالسرير المجاور ، وفي حبتى عينيه تلمع بسمة شفيفة 0) .
يبقى ماجد ، هو جسد الأرض و ترابها و أشجارها ونباتها و دفئها وبردها، كل الأشياء الموروثة منذ زمن الولادة الاولى. والنطفة الاولى ، الصرخة، الضوء الذي شع في مرايا الكون، فكان الوجود والعدم وكانت رحلة الحياة على كف كرة تدور وتدور خارج العناق والولادة.، وخارج الحلم العصى.
إنه الحزن الذي لا يقدر المطر على محو آثاره ولا مستحضرات التجميل الغالية. يا للحزن الذي يترك آثاره على شرايين القلب. فتخفق منتفضة كالمضخة المنهكة ويهدأ حينها نبض الحياة. والوسادات مبللة بدموع كلمات ابراهيم جادالله الصامتة ، مرتين ، مرة أولى منذ أن ترك دنيا العرب الفلسطينى العاشق ماجد أبو شرار ، وكان ابراهيم قد واعده : أن يسمى إبنا له مايزال فى رحم المجهول بإسمه محبة وعناق نضال ، وقد كان ، ومرة حين أخبره ( ستيفن كير ) الطبيب الألمانى فى فرانكفورت : أن لا أمل فى شفاء وحيده ، ولو بعد حين ، هكذا يشعر ابراهيم بضياع ماجد ، وبنومه باكرا ، مرتين ، وهل يحتمل القلب – وإن كبر – كل هذا الألم مرتين ؟
ابراهيم جادالله، يمتطي لغته كما يمتطي حقيقة الأشياء.
يفلسفها على مدى التنفس والشهقة، هي لغة التشظي والبراكين والحرائق والآلام والوطن وطقوس الولادات، يجيء، الينا كاتب الأمكنة الحبيبة والدمعة الحبيسة والعصافير المهاجرة الى اكوان بعيدة، الى اللاأزمنة حيث شعلة الضوء فراش الدفء. والسماء قبة الصلاة.
ينام ماجد ابن ابراهيم جادالله فى قصته ( المعطوب )على خاصرة القرية ميمماً نظره باتجاه الإبتهال والنور، اصرار على استحضار الدموع والوجع.
دموعنا ووجعنا على ولد فقدناه منذ اعوام فى جبة مرض لعين ، ووالد فقد حشاشة الروح. الألم صعب وجميل ، فهو يحملنا الى عوالم نتلمس فيها مآبنا وبيوتنا المنتظرة على كتف التراب مروراً ببرزخ الحد الفاصل بين الارضي والسماوي وصولاً الى الابدية الساكنة عروج الروح الى الروح.المعطوب رسمت دخان إنفعالاتنا، لأنها الذات التى قالت للكلمة ان ترسم لهاث المطر. الكون يزلزل أبجدية الكلام...لا كلام بعد الآن في حضرةالمعطوب0
ملك،أقوى ، وحق لإبراهيم جادالله ان يكتبه
وحق له ان يرتاح بين حروفه.
حروفه الناطقة فى غيركلمات، غير نطفة حياة أرسلها لى عبر البريد:

لماجدالمرتقى فى الوجع المباغت **


لكً السمواتٌ كلها
ولى أرضُُ واحدة بعيدة
***
لكً الغيماتٌ كلها
ولى قطرة باردة عنيدة
لكً الأهازيجٌ أثيرة
ولى غنوةٌ بائسةٌ شريدة
لكً غيماتُ من الندى
ترسل فيضا فى قلبكً المدمًّـى
من ضوء وجه حوريةِِيباغت العاشقين
ينفذ من بؤبؤ الروح
يفكٌّ طلسم الوجع/ الفرح/ البلاد المسافرة

***
فيكَ يعلن الحداد على
حزنِ / أرقِ / كتابِ / وسادةِ / روحِ ميِّتة
باولا / ماجد أبو شرار / يمنى / كافكا / لوركا/ رامبو
يشق لكً من عٌريِه
قميصا/ صحيفة / حرفا تخثّر فى مؤخِّرته النداء المبهم
السؤال الملهم المرتجفُ
ويعوى فى وجه سكونِك :
أن هذى روحٌ شقٌّها الألقُ
لبلادِ لم تبتهج لكً يوما
وشقِّ لمقبرة تفتح جناحيها لعائديمارس اتِّزانه اليومى
ابتلع الأحقاف
فكان عبورُ الندى مكابِرا
*******************
فى بيروت *
كان الوجع ممزوجا بالفرح ونحن ثلة من أصدقاء لك نعانق حروف المعطوب وحروفك
==
لماجدالمرتقى فى الوجع**
مدخل قصيدة نثرية طويلة للصديق ابراهيم جادالله

ليست هناك تعليقات: