المتولى والكلب
فى نفس اللحظة من كل ليلة،وبنفس المكان الذى هو نهاية حارة ضيقة من بيوت طينية واطئة متلاصقة متقاربة الأسطح على الجانبين لا يكاد ينفذ منها ضوء قمر،يتوقف كلب أسود،رغم استقامة جسده واستدارته وضخامة رأسه المسحوبة ببروز يشبه حبة الكمثرى الكبيرة وأرجله المرتفعة المليئة بالشعر،إلا أن واحدة من عينيه مطموسة ليس لها اثر، فقدها إثر منازلة حامية كان هو أحد طرفيها والطرف الأخر أولاد خالتك ستوتة الثلاثة الذين هدتهم مطاردته وأرقتهم الملاحقة له بعد تكرار هجماته الشرسة على فراخ أمهم المقعدة ،وتحت شباك واطئ يسقط أمامه ظل قش السطح الواطئ.وشريط رفيع من ضوء قمر يصنع ممرا لامعا وسط ظلامين بطول الحارة،وفى نفس اللحظة من كل ليلة،وبنفس المكان يتسلل جمعة سماوى الكلاب الأعور،القصير، الربعة،المدكوك باللحم من قهوة حماد المنحدرة عن أرض الحارة بالجهة المقابلة. يشمر جلبابه تحت إبطه وينزل تكة سرواله الطويل الخشن، ويرخى إليتيه الغليظتين إلى الأرض فتضغط ركبتاه القصيرتان على بطنه التي ليس بها أى استواء فتنفلت من أسفله أصوات ضخمة طويلة ومتقطعة، ما ‘ن ينتهي منها حتى يندفع بوله أمامه مكونا بركة صغيرة من ماء ساخن تتصاعد منه أبخرة نشادرية حارقة فى الأنف. فى نفس اللحظة،وبنفس المكان تواتت الرغبتان.فقد عبر جمعة الحارة الضيقة إلى الظل الذى يسقط تحت الشباك المواجه لباب قهوة حماد الواطئ،وكادت المثانة منه أن تنفجر ببوله فأنزل تكة سرواله وجلس قرفصاءه، وكان مثقل الرأس فى تلك الليلة لكثرة الأدخنة التي ملأتها،ورفع الكلب الأعور إحدى خلفيتيه،وصارت رأسه فى منتصف الحارة ومؤخرته فى الظل،واندفع بولهما،وكان جمعة وهو يستمع صوت اندفاعة بوله كالعادة يشعر ببلل ساخن على مؤخرته وفوق جلبابه الملمومة حول خصره، أفاق لها قليلا وأراد تبيانها باليد الخالية فارتطمت بمخالب الكلب الأعور، وطار الخدر من أوصاله والثقل من رأسه، وانتقض واقفا يتدلى سرواله بينما بوله يتطاير أمامه وعلى ساقيه ،وألقاه ترنحه على جبهتيه فوق حديد الشباك الواطئ أمامه،بينما اندفع نباح الكلب الأعور وهياجه،وطلعت صرخات المتولي.وما زال سرواله ساقط عند ركبتيه وطرف جلبابه ملموم عند صدره فازداد نباح الكلب وهياجه عندها،وأقدم فى فعلة غير مسبوقة واعتلى ظهر جمعة يجر جلبابه بأظافره من عند قفاه،وجمعة.يتشبث بيديه فى حديد الشباك الواطئ ولا يقدر إلا على صراخ مستغيث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق