ما أجمل الأنا لك يابغداد

ما أجمل الأنا لك يابغداد

الخميس، 14 يونيو 2007

هذا الرجل .أعيشه ، وأتوق له




حوار مع الأديب الكبير ابراهيم جادالله





صابر معوض .-- يجرى حوارا مع :الكاتب المصري العربي / إبراهيم جاد الله



الكتابة عمل من أعمال الروح والفكر والعقل


الكتابة فعل مشاركة حقيقى لأ نها لا يمكن أن تكون مؤامرة يحيكها الكاتب ضد عقل القارىء


من يقرأ قصصى التى أثارت جوا من غضب فى قريتى 0 يجد لدى منزعا ثابتا ، واختيارا فى كتاباتى


قصصى تضع الوعى فى مركز الترشيد بما يمكن اعتباره واقع اجتماعى من منظور فردى


أنا أعرف شروط الممارسة الإبداعية ، لذا فأنا أتحول قليلا عن ذاتي إلى المجتمع


القارىء أحيانا ما يكون أذكى من الكاتب ، وأقل منه وهما


***


كانت مهمة شاقة أن نقنعه بإجراء حوار خاص للنشر عبر فضاء الإنترنت لاشتغاله بمشرعه الروائى الكبير منذ سنوات، وهو الذى مايزال يحترف ، وبامتياز إجراء حوارات من الوزن الثقيل فكريا وفنيا مع رموز الإبداع الفكرى والأدبى والفنى عبر ربوع الوطن العربى الكبير 0 يدخرها لدوريات وصحف عربية، وقد حمل البعض منها الحزء الأول من كتابه الهام ( شدو طائر عربى ) ، والذىحاز أواخر القرن الماضى جائزة أفضل كتاب حوارات أدبية بمعرض صنعاء الدولى ، وهو الذى يعكف على إنجاز مشروعه الروائى الكبير ( منازل الحنين ، ومواسم الضنى ) الذى يؤرخ للتحولات الإجتماعية والسياسية فى القرية المصرية منذ النصف الأول من القرن العشرين حتى نهايته 0مسيرة إبداعية تخطت الثلاثين عاما بسنوات ، حصيلتها 0 ثلاث مجموعات من القصص القصيرة 0 ( من أوراق موت البنفسج ) و ( ظهيرة اليقظة ) و ( تجليات بشرية ) ورواية ( تداعيات الزمن المر ) و كتابين هامين فى المسرح العربى الذى هو مجال تخصصه الدراسى 0 فهو حاصل على بكالريوس الدراما والإخراج المسرحى عام 1977 ، وهما ( المسرح العربى والتحدى الحضارى ) و ( الثابت والمتحول فى المسرح العربى ) وهما مطبوعان بالجزائر عامى 1984 ، و1992 ويدرسان فى أكثر من جامعة عربية 0 ثم كتابه الحوارى الذى صدر الجزء الأول منه ( شدو طائر عربى ) ، وأخيرا وليس آخرا ( بيت من زجاج وحجر ) وهو دراسات فى الفكر والثقافة العربية 0 ، وقد بدأ هذا الكاتب رحلته بديوان شعرى صغير فى رثاء الزعيم العربى الكبير جمال عبد الناصر بعد رحيله بأيام قليلة، وربما كان هذا مفتاح حوارى معه


0لماذا كان الشعر فى البداية ؟


- لأن التصور الأولى عنه ، أنه أسرع الوسائل البريدية للوصول إلى قلب من تحب ، وبما أننى لا أمتلك أذنا موسيقية 0 فقد اكتشفت بعد التجربة الأولى المتواضعة جدا ، والتى جاءت استجابة للشعور بالأسى والألم 0 أنى مشروع فاشل فى الشعر ، ولكن ذلك كان المفتاح الحقيقى لعالم الكتابة والدخول فى رحابها 0&


- فماذا تعنى الكتابة لك إذن ؟


**- الكتابة عمل من أعمال الروح والفكر والعقل، وليست عملا عاديا ، فالمرء لا يكتب لمجرد أن لديه شيئا ما يقوله 0 كما حدث معى فى التجربة الشعرية الساذجة التى حدثتك عنها ، فقديكون للإنسان مايمكنه قوله ، أما أن يكتب ويتحمل مسؤولية نشر ما يكتب فذلك أمر مختلف ، إن عليه أن يقدم ، أو فى الواقع أن يهز فى داخله مشاعر وأحاسيس لابد وأن تكون حارة لكى يكتب ما يكتب بطريقة تقنع الآخرين أو تحثهم 0 لا على القراءة وحدها ، وإنما على التفاعل مع الكتابة 0&-


تريدها فعل مشاركة؟


نعم هى فعل مشاركة حقيقى ، نوع من أنواع زواج المشاعر والأفكار ، ولو مؤقت ، آنى وسريع ، بين طرفين مختلفين ومتباعدين ، لكنهما مستعدان لخوض حوار ، على الكاتب أن يضع فى عين اعتباره أنه لكى يكون حوارا حارا وخلاقا فلابد أن يصدر من أعماق الفكر والروح ، ولا يهم بعد ذلك أن نتفق أو نختلف مع ما نكتب أو نقرأ ، الإختلاف والإتفاق لا بد أن ينحسر إلى موقعه الطبيعى ، وهو أن الناس مختلفون عادة ، وأن لهم الحق فى أن يتخذوا من المواقف ، أو يتبنوا من الآراء التى يجدون أنها أقرب إلى الحقيقة 0الكتابة فعل مشاركة حقيقى ، لأنها لايمكن أن تكون مؤامرة يحيك الكاتب خيوطها بكلماتها فى ليل دامس أو من وراء طاولة مكتب ضد عقل القارىء وذكائه


أراك هنا تعطى أهمية بالغة للقارىء ، الذى أكدت على ضرورة توافر ثقافة خاصة به أيضا فى كتابك ( بيت من زجاج وحجر


نعم والحقيقة الغير شائعة ، مع الأسف ، هى أن القارىء أحيانا ما يكون أذكى من الكاتب، وأقل منه أوهاما ، وعلى أى حال إن لم تجد الكتابة 0 أى كتابة 0 أدبية أوحتى سياسية قارئا متفاعلا تتحرك فى داخله مشاعر وافكار 0 فلا بد أن تأخذ طريقها إلى المكان اللائق بها 0 المزبلة 0ونحن لهذا السبب ، ومن دون أن نتنبه فى الكثير من الأحيان ، نرمى الكثير من الصحف والمجلات فى المزبلة ، لا شىء ألا لأننا لا نجد فيها ما يحثنا على الاحتفاظ بها ، أو فى الأقل ما يجعلنا نأسف إذا لم نتمكن من قراءة مادة ما ، وموضوع ما 0 مرتين 0


نعود للكتابة الأدبية الخاصة بك , ونعرف أنك تعرضت لمضايقات كثيرة بعد صدور مجموعتك القصصية ( ظهيرة اليقظة ) من مكتبة الآسرة عام 2002 ، وازدادت المضايقات حدة بعد صدور روايتك ( تداعيات الزمن المر ) أية مفارقة تلك التى تحدث 0 من أنك المعنى بالقارىء ، فيواجهك هو بهذا العنت ؟


**- االصحيح أن بعض من تحسسوا ملامحهم فى تلك الأعمال ، وأظنها ملامح مرذولة 0 هم من قاموا بذلك ، وقد برز السؤال التالى لتلك الوقائع 0 وهو 0 كيف يسمح هؤلاء فى الواقع بوجود شخصيات زلقة ومتفسخة اجتماعيا وضارة لحد بعيد بمحيطها الإنسانى ، ولا يسمحون بها فى الأعمال الإبداعية ؟ 0 فهم يسمحون بوجود تلك المباذل الإنسانية فى الواقع ، وفى الشارع-- والتى اندفعت إلى كتابتها فى ( تداعيات الزمن المر) -- لأنها تكون حينئذ حادثة ، ولا يسمحون بها فى الإبداع الأدبى ، لأنها تصبح حينئذ قضية، ولكن ، وبرغم من ذلك 0 أحاول أن أجعل من ممارستى للكتابة عنوانا لممارستى الإجتماعية 0 فأنا أتدخل هنا وهناك بما يفرضه وعيى بحركة التناقضات داخل القرية المصرية ، برأيى السياسى وفهمى الإيدولوجى 0 كى أقول شيئا محددا فى الظرف ، ومن يقرأ قصصى التى أثارت أجواء من الغضب فى قريتى ، يجد منزعا ثابتا عندى واختيارا فى كتاباتى ، وهى مسألة أساسية جدا ، لآنها تحفظ للإبداع طابعه العملى، وتحملنى مسؤولية جدية فى تحديد موقفى من الصراع 0 نظريا على الأقل ، وفى هذا أيضا محاولاتى الإبتعاد عن الشكلية المقيتة فى تجريد الوقائع الإجتماعية والفردية ، وأتجنب قدر الإمكان عزلهما عن شروطهما السياسية 0&-


لعلى أقترب من سؤال لك يهتم بالبحث عن الأرضية التى تنطلق منها ، وتعمل على توظيفها فننياخاصة فىقصصك القصيرة


أولا قصصى تضع الوعى فى مركز الترشيد بما يمكن اعتباره ( واقع اجتماعى من منظور فردى ) ، وأنا أتأمل الظاهرة الإجتماعية السريعة والدائمة التغير فى القرية ، آخذا إياها فى شعبيتها، وقد اضطر أحيانا إلى استعمال درجة مقصودة 0 متجاوزا بها من ناحية التعميمية التى قد تصلح لذلك فى اللغة العربية ، وأحقق من جهة أخرى فى تداول مشاهدها كما ترى فى التداول العام 0 إنى أحاول فى الإبداع على الأقل تحديد ارتباطاتى السياسية من جديد ، أتجاوز الفردية التى كانت من اهتماماتى الغالبة والرئيسية إلى حد ما فى السابق ، وأعرف شروط الممارسة الإبداعية ، لذا فأنا أتحول عن ذاتى قليلا إلى المجتمع 0 إلى الصراع الإجتماعى القائم ، أتحول عن مشاغلى الخاصة والعزيزة إلى اهتمامات شرائح واسعة من سكان الريف ، وبدرجة أقل 0 إلى اهتمامات غيرها من سكان المدن الصغيرة ، وبذلك فأنا أتدخل فى قضايا ملحة من صميم التطورات الساسية والإجتماعية فى القرية 0 كتداعيات الزمن المر التى رصدت إفرازات العملية الإنتخابية الأخيرة للبرلمان ، ومن الطبيعى أن يجبرنى ذلك على اتخاذ موقف ، وإبداع رأى فيما أتدخل فيه بوعى 0ذلك هو عنوان انتمائى الحالى ، وهو كما ترى استطاع أن يدين بعض مظاهر الاستغلال الاقتصادى وتشوه بعض مظاهر التماسك الإجتماعى التى كانت سائدة بالريف المصرى منذ القدم ، وأنا دائما ما أختار قضايا ملحة داخل النمط الإجتماعى الذى يعيشه الريف والقرية المصرية 0&-


أسألك عن جديدك الإبداعى أو البحثى


جديدى 0 هو مالم أخطه بعد 0 أما إن كنت تقصد ما تعارف عليه عامة المبدعين 0 من آخر ما أنجزت ، فهو كثير 0 ماهو فى طريقه إلى القارىء 0 ك ( توظيف القناع فى المسرح السياسى العربى ) وهو دراسة علميةعن المعادل الفنى والفكرى فى استخدام القناع فى كافة اشكال المسرح فى الوطن العربى 0 مع التركيز على شكل المسرح السياسى و ( مواقيت لغير البهجة ) وهى مجموعة قصص عن هاجس الموت فى حياة البشر ، ومنها ماهو حبيس الأوراق بمكتبى ككتاب هام عن الشاعر العربى الكبير الراحل عبد الله البردونى ( عزَّاف الأسى ) ، وقد كنت قريبا منه لسنوات طويلة باليمن 0 و( كتاب المطالعة ) وهو قراءة فى بعض الوجوه والإبداعات الفكرية والفنية العربية ، ثم الجزء الأول من رواية ( منازل الحنين ومواسم الضنى ) ، وهى المشروع الروائى الكبير الذى حصلت بموجبه على منحة التفرغ من وزارة الثقافة المصرية منذ العام 2003 ، وأعمل هذه الأيام على إتمام الجزء الثانى منه
، ثم الجزء الثانى من ( شدو طائر عربى )
هذا الحوار أجرى فى نهاية العام 2004 ، ونشر فى غير موقع ألكترونى هام

ليست هناك تعليقات: