ما أجمل الأنا لك يابغداد

ما أجمل الأنا لك يابغداد

السبت، 30 يونيو 2007



طوبى لمن يحملون مكبرات الصوت

عندما يرفع بعض الزملاء كاتباً أو فناناً إلى مراتب عالية من يستطيع بعدها أن يُنزله، أو يقنعه بأن ما حدث خطأ عابر يجب أن ينساه؟! من يستطيع أن يُنزله درجة واحدة من درجات السلم الذي وجد نفسه فجأة في أعلاه؟!
حدث مرة أن نشر أحد الكتاب المرموقين كتاباً جديداً، لكنه، بخلاف نتاجه الجدي المعروف، ضمّنه نصوصاً كتبها أيام المدرسة، وربما أيام اللعب ب(الكرة الشراب )، بقصد جمعها وتذكّرها كنوع من النوستالجيا الخفيفة. هو حر في فعلته تلك، ونحن أحرار في ألا ننصاع لأي نزوة عابرة أو هفوة ناشزة، لكن تحت إلحاح صاحبه اضطررت للكتابة عن ذلك (الأثر)، وكان لا بد من أن أكون قاسياً في التعبير، بنص صغير، عن عدم ترحيبي بمستوى ما نشر صاحبنا في دفتر ذكرياته، ما أثار حفيظته ورفع درجة غليان غضبه. وما زاد الطين بلة نَشْرُ موضوع آخر حمّلته صاحبته ما لذّ وطاب من تفاح الأ قوال وفراولة الألفاظ، في ما يفوق نصف صفحة من صفحات الجريدة. وهكذا وجدت في اليوم اليوم الأول من الأسبوع التالى ظرفاً لي يأتينى مع ساعى البريد، يحمل نسخة عن مقالة زميلتنا الطيبة القلب، ومعه عبارات منها: (هكذا تكون الكتابة ويكون النقد الصحيح).
من يقنع صاحبنا بعد ذلك بأنه كان يجب أن يتفادى نشر تلك (الخربشات)؟ بل من يقنعه بأن الزميلة تكتب عن الجميع باللهجة نفسها، وبالحب نفسه، وبالتكريم نفسه، وبأن قلبها الرقيق (لا مكان فيه للسلبيات، فالكلمة الجميلة أفضل)؟
هذا مَثَلٌ ينطبق على العديد من المحترفين والهواة، الذين ما إن تغمرهم بعض الكتابات (الحنونة)، وتشملهم بالرعاية، وتلفهم بآيات المديح التي كثيراً ما يقولها أصحابها في كل مناسبة، من دون أن ينسوا تغيير الاسم بالطبع، حتى ترتفع الأبخرة في رؤوسهم، وتضحك لهم سماء الحظ، ويصبحوا على عجلة من أمرهم... ثم الويل والثبور وعظائم الأمور لكل من يتخلف عن متابعة أخبارهم، وملاحقة أوطارهم، ومرافقتهم بالكلمة والصوت والصورة، وهم يطوفون بنتاجهم بين صالونات المدن والقرى، تحملهم أضواء المديح وبركات الأصدقاء المحبين أنّى حلّوا وكيفما انداروا.
ما بالنا إذاً، لا نحتفي بالكتّاب الجدد والفنانين الشباب؟! نشكك بأنفسنا أحياناً بأننا نمارس صراع أجيال، أو غيرة من الناجحين والمبدعين من خلق الله، وأننا نمشي على غير هدى في نقدنا، نتعثر بالضغائن فيختل توازننا ونسقط من عيون أولئك الفطاحل. ما بالنا، بل ما بالهم؟ مشكلتنا في الكتابة النقدية، أننا نواجه في كل مناسبة المقياس الذي وضعه المتزلفون والمدّاحون ومضخموا القامات، والميزان الذي يستخدمه أولئك الذين يحملون مكبرات الصوت والصورة، رغبة منهم في أن تستخدم نفسها في تكبيرهم

ليست هناك تعليقات: