هذا هو المراد
حلفت بخالق الكون ، ورأس أبيها ، وبحق كل من أصلح زوجها له صرمته ، وجعلته نشوانا حين يمشي بها . أن تزوِّج هذه (( البغلة بنت البغل )) أول من يدق عليهم باب الدار طالبا يدها ، وإن كان عجوزا (( حنطة )) .
وليس ضروريا - برأيها - أن يكون العجوز ((الحُنطة )) موفور المال ، كثير الأطيان كي تقبل به ، تعجُّلاً لإطلاق ساقه التي في الدنيا نحو الآخرة ، ليتمرَّغوا مع هذه (( البغلة )) ، في نعيمٍ يخلفه ، الأمر ليس هكذا .. والخلاصة :
أن البنت (( بريزة بنت رمضان الإسكافي )) برصد حركاتها وأحوالها في الأيام الأخيرة ، صارت مصدر قلق لأمها بعد أن تبدَّلت أمارات البلاهة ، واعتدل اعوجاج حنكها الذي لازمها بغباء عن قريناتها في الفهم مذ بدأ الكلام يجري علي لسانها ، وصدرها ، امتلأ- هكذا - فجأة ، والأدهى مؤخرتها التي استدارت وتكوَّرت ، ولم تعد تسفْ تراب المصاطب وعتبات الدور من طول قعدتها تعكِّر في أمزجة العباد . رائحين أو غادين ، وهكذا بلا سبب أو علة .
ولما اعتاد الناس في الحارة منها أفعالها الشائنة ، اعتادوا أيضا لعن اليوم التي ولدت فيه ، والبطن التي حملتها ، وكوز البغل الذي بلَّل أمها ووضع فيها بذرتها .
مؤخرة البنت بريزة تهدَّلت وترهَّل جسدها كالمتزوجات منذ سنوات ، لم تعد مدملجة ولا ملفوفة داخل ثوبها ، وهي مؤخرة كما تقول أمها : لا تليق إلا ببلهاء وعبيطة مثلها . وها هي تتبدَّل هي الأخرى . ولمع شئ تراه أمها في عينيها ، وصارت ترد عتابها كلمة بكلمة ، وبرغم أن لسانها الذي يلسع عباد الله صار طريا ولينا وحلوا في ألفاظه ، لكنها . برغم ذلك . لم تعد تطاق أو تُحتمل ، امتدت يدها علي أمها أخيرا ، ولم يحرك رمضان الإسكافي ساكنا لردع ابنته . فهو مشغول في انكفاءته طوال نهاره حتى دخول الليل أمام الدار علي صرم الخلق ، يضع لوزة فوق جانب جزمة مهترئ ، أو يغرز خيطا في وجه أخري تفكَّك من نعله ، أو يقوِّي كعباً لأخرى بشرائح الكاوتشوك .
ولأن هذه المرأة – لم ينادها باسمه مرة واحدة منذ سنوات عديدة – منذ دخل بها قبل أكثر من عشرين عاما ، وانجب منها فتوح ابنه البكر ، وهذه البغلة التي لحقت به بعد أربعة عشر شهرا فقط ، لم يعد بينهما سرير ، منذ تطهرت من نفاسها في مولودها الذي مات في شهره الرابع .
وأعوام ثلاثة مرَّت علي وحيده فتّوح الذي سافر إلي إربد في الأردن ، ولم يفكِّر حتى في شريط كاسيت يرسله لأبيه ، يُسمعه صوته ليعرف منه حاله وأحواله مثل مخاليق الله ، ياسر ابن علي العجوز الذي لا يصل لركبة ابنه ، أرسل مع دخول الشتاء مع حسن ابن جودة الحرامي بطانية جلد النمر ، ومرهم روماتيزم لركب أمه وفقرات ظهرها ، وشريط كاسيت ، تلتم نسوة الحارة ليالي بعد وصوله يسمعن قصصه وحواديته المتباهية بأنه يأكل الفراخ المحمرة علي الفحم وزجاجات البيبس التي بطول جرة أمه .
لماحان من هنية زوجته ، مرة واحدة ، بعد هذا العمر الطويل التفاتة إليه ، وكان محنيَّ الرقبة فوق السندان الصغير يدق مسماراً في كعب حذاء عبد الله ابن أيوب الحصري ، وأخبرته بأفعال ابنته ، - ولم يكن بغافلٍ عنها - وأن لا وجود له في حياتها ، ولا هيبة منه في عينيها . فرك رمضان رأس المسمار الذي التقطه من بين شفتيه بين إبهامه وسبابته ، وغرزه ببلادة داخل تجويف كعب الحذاء من الداخل ، وتابع دقه بالقادوم الصغير ذو الرأس المشطورة ، وكان ينثر كلاماً همساً ، ساخرا ، وتتحشرج كلمات مُرة داخل حلقه ، فغاظها أمره وأمر ابنتها ، وحلفت بسيدي علي العراقي ، وبكل عفاريت البر والبحر والإنس والجن أَن تزوِّجها أول بخت لها ينقر عليهم باب الدار .
وتمنت ، ولا يكثر علي الله تحقيق ما يتمناه الغلابة . أن يكون بخت ابنتها ونصيبها من جنس عملها !! .
وبينما هنية تهذي بكلمات تترجرج داخل صدرها ، وتغالب أمنيات في خيالها الشحيح كالذي يلاعب بصابيص النار في كفيه ، حتى امتلأت الحارة بالعيال ، يتقافزون أمام السيارة البيجو ، يحاول سائقها ضبط مقدمتها ليسهل دخولها الحارة لضيقها . ولما تكاثر كل من هب ودب حولها ، وجاء الشارد والوارد علي وقع الخبر ، كانت العيون تبحلق ، تغمر الحقائب الجلدية الكبيرة المنتفخة والكرتونة العالية المرسوم علي أربعة جوانبها مروحة (( شارب )) ، لابد أنها يابانية الصنع ، فالذي يباع منها في مصر هذه الأيام صينية الصنع ترقد متعطلة بعد عام أو عامين علي الأكثر ، وأكياس من النايلون ، سميكة ، بداخل واحد منها بطانية (( جلد النمر )) وهي تأتي في المرتبة الثانية من الجودة بعد بطانية (( الثلاث تفاحات ))
استجاب فتوح وضيفه لإرشادات المتجمعين حول العربة وكلها متضاربة ، فنزلا ، ليغرقا في عناق وقبلات مسموعة الطرقعات ، بينما تاه صديقه وسط زحام يتكاثر ، وحين صعد السائق فوق سقف العربة يفك حبالها التي تربط الأحمال المكدسة ، كانت صبية عفيّة ، منكوشة الشعر الخشن ، ترفع ذراعيها أعلي رأسها ، وفردتي ثدييها المنتفخين ترتميان علي حافة السيارة العلوية ، تتلقي فوق رأسها الحقائب وتركض نحو الدار ، ولم يجرؤ واحد ممن يشهدون عودة شقيقها من الأردن علي مشاغبتها تلك اللحظة .
وهنية التي فاجأها الأمر . لم تعرف كيف تصرف شئونها أو تطلق لهفتها في استقبال وحيدها وغبطتها بعودته . اشتبك الأمر واللحظة في داخلها ، وتسمَّرت بوقفتها فوق سطح الدار الواطئ بين صومعتين طينيتين ، وانفلت من صدرها حبور ضاغط ، فأحاطت فمها بتكوّر كفها اليمني ، وأرسلت في الحارة زغرودة عالية مجلجلة .
وبين المرحبين والمهنئين بسلامة عودته ، اختفي فتوح وضيفه المستند علي عصاة سوداء غليظة معقوفة في قبضته بجسده النحيل المنحَّس ، وغطاء رأسه ذي المربعات السوداء والبيضاء المتجاورة . ولحية صغيرة بيضاء ترقد أسفل ذقنه ، وتطل من انكفاء رأس صغير يحمل وجها مكرمشا .
أهملته هنية حينا وهي تهم بأخذ ابنها داخل صدرها المكتنـز المسدود بفردتي ثدي كبيرتين ، وقد لاحقها خلف ظهرها تماما صوت يسرق الحروف
حمدا لله علي سلامة فتوح يا هنية
ومبروك عليكي عريس بنتك يا حبيبتي .
وليس ضروريا - برأيها - أن يكون العجوز ((الحُنطة )) موفور المال ، كثير الأطيان كي تقبل به ، تعجُّلاً لإطلاق ساقه التي في الدنيا نحو الآخرة ، ليتمرَّغوا مع هذه (( البغلة )) ، في نعيمٍ يخلفه ، الأمر ليس هكذا .. والخلاصة :
أن البنت (( بريزة بنت رمضان الإسكافي )) برصد حركاتها وأحوالها في الأيام الأخيرة ، صارت مصدر قلق لأمها بعد أن تبدَّلت أمارات البلاهة ، واعتدل اعوجاج حنكها الذي لازمها بغباء عن قريناتها في الفهم مذ بدأ الكلام يجري علي لسانها ، وصدرها ، امتلأ- هكذا - فجأة ، والأدهى مؤخرتها التي استدارت وتكوَّرت ، ولم تعد تسفْ تراب المصاطب وعتبات الدور من طول قعدتها تعكِّر في أمزجة العباد . رائحين أو غادين ، وهكذا بلا سبب أو علة .
ولما اعتاد الناس في الحارة منها أفعالها الشائنة ، اعتادوا أيضا لعن اليوم التي ولدت فيه ، والبطن التي حملتها ، وكوز البغل الذي بلَّل أمها ووضع فيها بذرتها .
مؤخرة البنت بريزة تهدَّلت وترهَّل جسدها كالمتزوجات منذ سنوات ، لم تعد مدملجة ولا ملفوفة داخل ثوبها ، وهي مؤخرة كما تقول أمها : لا تليق إلا ببلهاء وعبيطة مثلها . وها هي تتبدَّل هي الأخرى . ولمع شئ تراه أمها في عينيها ، وصارت ترد عتابها كلمة بكلمة ، وبرغم أن لسانها الذي يلسع عباد الله صار طريا ولينا وحلوا في ألفاظه ، لكنها . برغم ذلك . لم تعد تطاق أو تُحتمل ، امتدت يدها علي أمها أخيرا ، ولم يحرك رمضان الإسكافي ساكنا لردع ابنته . فهو مشغول في انكفاءته طوال نهاره حتى دخول الليل أمام الدار علي صرم الخلق ، يضع لوزة فوق جانب جزمة مهترئ ، أو يغرز خيطا في وجه أخري تفكَّك من نعله ، أو يقوِّي كعباً لأخرى بشرائح الكاوتشوك .
ولأن هذه المرأة – لم ينادها باسمه مرة واحدة منذ سنوات عديدة – منذ دخل بها قبل أكثر من عشرين عاما ، وانجب منها فتوح ابنه البكر ، وهذه البغلة التي لحقت به بعد أربعة عشر شهرا فقط ، لم يعد بينهما سرير ، منذ تطهرت من نفاسها في مولودها الذي مات في شهره الرابع .
وأعوام ثلاثة مرَّت علي وحيده فتّوح الذي سافر إلي إربد في الأردن ، ولم يفكِّر حتى في شريط كاسيت يرسله لأبيه ، يُسمعه صوته ليعرف منه حاله وأحواله مثل مخاليق الله ، ياسر ابن علي العجوز الذي لا يصل لركبة ابنه ، أرسل مع دخول الشتاء مع حسن ابن جودة الحرامي بطانية جلد النمر ، ومرهم روماتيزم لركب أمه وفقرات ظهرها ، وشريط كاسيت ، تلتم نسوة الحارة ليالي بعد وصوله يسمعن قصصه وحواديته المتباهية بأنه يأكل الفراخ المحمرة علي الفحم وزجاجات البيبس التي بطول جرة أمه .
لماحان من هنية زوجته ، مرة واحدة ، بعد هذا العمر الطويل التفاتة إليه ، وكان محنيَّ الرقبة فوق السندان الصغير يدق مسماراً في كعب حذاء عبد الله ابن أيوب الحصري ، وأخبرته بأفعال ابنته ، - ولم يكن بغافلٍ عنها - وأن لا وجود له في حياتها ، ولا هيبة منه في عينيها . فرك رمضان رأس المسمار الذي التقطه من بين شفتيه بين إبهامه وسبابته ، وغرزه ببلادة داخل تجويف كعب الحذاء من الداخل ، وتابع دقه بالقادوم الصغير ذو الرأس المشطورة ، وكان ينثر كلاماً همساً ، ساخرا ، وتتحشرج كلمات مُرة داخل حلقه ، فغاظها أمره وأمر ابنتها ، وحلفت بسيدي علي العراقي ، وبكل عفاريت البر والبحر والإنس والجن أَن تزوِّجها أول بخت لها ينقر عليهم باب الدار .
وتمنت ، ولا يكثر علي الله تحقيق ما يتمناه الغلابة . أن يكون بخت ابنتها ونصيبها من جنس عملها !! .
وبينما هنية تهذي بكلمات تترجرج داخل صدرها ، وتغالب أمنيات في خيالها الشحيح كالذي يلاعب بصابيص النار في كفيه ، حتى امتلأت الحارة بالعيال ، يتقافزون أمام السيارة البيجو ، يحاول سائقها ضبط مقدمتها ليسهل دخولها الحارة لضيقها . ولما تكاثر كل من هب ودب حولها ، وجاء الشارد والوارد علي وقع الخبر ، كانت العيون تبحلق ، تغمر الحقائب الجلدية الكبيرة المنتفخة والكرتونة العالية المرسوم علي أربعة جوانبها مروحة (( شارب )) ، لابد أنها يابانية الصنع ، فالذي يباع منها في مصر هذه الأيام صينية الصنع ترقد متعطلة بعد عام أو عامين علي الأكثر ، وأكياس من النايلون ، سميكة ، بداخل واحد منها بطانية (( جلد النمر )) وهي تأتي في المرتبة الثانية من الجودة بعد بطانية (( الثلاث تفاحات ))
استجاب فتوح وضيفه لإرشادات المتجمعين حول العربة وكلها متضاربة ، فنزلا ، ليغرقا في عناق وقبلات مسموعة الطرقعات ، بينما تاه صديقه وسط زحام يتكاثر ، وحين صعد السائق فوق سقف العربة يفك حبالها التي تربط الأحمال المكدسة ، كانت صبية عفيّة ، منكوشة الشعر الخشن ، ترفع ذراعيها أعلي رأسها ، وفردتي ثدييها المنتفخين ترتميان علي حافة السيارة العلوية ، تتلقي فوق رأسها الحقائب وتركض نحو الدار ، ولم يجرؤ واحد ممن يشهدون عودة شقيقها من الأردن علي مشاغبتها تلك اللحظة .
وهنية التي فاجأها الأمر . لم تعرف كيف تصرف شئونها أو تطلق لهفتها في استقبال وحيدها وغبطتها بعودته . اشتبك الأمر واللحظة في داخلها ، وتسمَّرت بوقفتها فوق سطح الدار الواطئ بين صومعتين طينيتين ، وانفلت من صدرها حبور ضاغط ، فأحاطت فمها بتكوّر كفها اليمني ، وأرسلت في الحارة زغرودة عالية مجلجلة .
وبين المرحبين والمهنئين بسلامة عودته ، اختفي فتوح وضيفه المستند علي عصاة سوداء غليظة معقوفة في قبضته بجسده النحيل المنحَّس ، وغطاء رأسه ذي المربعات السوداء والبيضاء المتجاورة . ولحية صغيرة بيضاء ترقد أسفل ذقنه ، وتطل من انكفاء رأس صغير يحمل وجها مكرمشا .
أهملته هنية حينا وهي تهم بأخذ ابنها داخل صدرها المكتنـز المسدود بفردتي ثدي كبيرتين ، وقد لاحقها خلف ظهرها تماما صوت يسرق الحروف
حمدا لله علي سلامة فتوح يا هنية
ومبروك عليكي عريس بنتك يا حبيبتي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق